تلقى فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي -حفظه الله- فى صباح يوم 9-6-2005 مكالمة تليفونية من فضيلة الأمين العام المساعد لمؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي الشيخ فاروق جرار يسأله فيها عن ثلاث نقاط من القضايا الفقهية التى تشغل عقول كثيرمن الناس، وهى على النحو التالى:
الأولى: هل يجوز أن تعتبر المذاهب التي ليست من الإسلام السني جزءا من الإسلام الحقيقي، أو بمعنى آخر: هل كل من يتبع ويمارس أي واحد من المذاهب الإسلامية -يعني المذاهب السنية الأربعة، والمذهب الجعفري والمذهب الزيدي والمذهب الإباضي والمذهب الظاهري- يجوز أن يعد مسلما؟
الثانية: هل يجوز لمسلم أن يُكَفّر الذين يمارسون أي واحد من المذاهب الإسلامية الثمانية، أو من يتبع العقيدة الأشعرية؟ وفضلا عن ذلك هل يجوز أن يُكفّر الذين يسلكون الطريقة الصوفية الحقيقية والسلفية المعتدلة؟
الثالثة: من يجوز أن يعتبر مفتيا حقيقيا في الإسلام؟ وما المؤهلات الأساسية الشخصية لمن يتصدى للفتوى ولهداية الناس في فهمه واتباع الشريعة الإسلامية؟
وقد أجاب فضيلة الشيخ بقوله:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإجابة على السؤالين: الأول والثاني، نقول وبالله التوفيق:
من شهد أن "لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" خالصا من قلبه، فقد أصبح مسلما، له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، ونجا بذلك من الخلود في النار، وإن قالها بمجرد لسانه ولم يؤمن بها قلبه، فذلك هو المنافق الذي تجري عليه أحكام المسلمين في الظاهر، وإن كان في الدرك الأسفل من النار.
ولهذا جاء في الحديث المتفق عليه: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله"([1]).
ولهذا قال من قال من العلماء: الإسلام الكلمة! أي كلمة الشهادة، فبها يدخل الإنسان الإسلام، ويحكم له بالإسلام.
وعلى هذا تدل أحاديث صحاح كثيرة منها:
* "من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار"([2]).
* "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبده ورسوله، وابن أمته، وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق أدخله الله الجنة على ما كان من عمله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء"([3]).
* "من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة"([4]).
* "من قال: "لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة"([5]).
* "من قال: "لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله"([6]).
* "من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة"([7]).
* "من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار"[8].
* "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة"([9]).
كل هذه الأحاديث -وجميعها صحاح- تدل بوضوح على أن مدخل الإسلام هو الكلمة أو الشهادة، وأن المرء إذا مات عليها صادقا مخلصا -ولم يقلها نفاقا- كانت سبب نجاته من النار ودخوله الجنة، على ما كان من عمل؛ أي إذا صحت عقيدته أنجته من الخلود في النار، وإن كان له من السيئات ما له.
ولا عبرة بالتسميات التي يتسمى بها الناس، أو يسمي بها بعضهم بعضا، كقولهم: هذا سلفي، وهذا صوفي، وهذا سني، وهذا شيعي، وهذا أشعري، وهذا معتزلي، وهذا ظاهري، وهذا مقاصدي؛ لأن المدار على المسميات والمضامين لا على الأسماء والعناوين.
كما أن تلك الأحاديث ترد على من استدل بظواهر أحاديث أخرى تنفي الإيمان عمن ارتكب بعض الذنوب مثل: الزنا والسرقة وشرب الخمر وغيرها. كحديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن". والمقصود: وهو مؤمن كامل الإيمان، فالنفي للكمال لا للوجود.
وهذا التأويل ضروري حتى لا تضرب النصوص بعضها ببعض، وهو تأويل سائغ في العربية، تقول: إنما العلم ما نفع؛ أي العلم الكامل، إنما الأم من ربّت؛ أي الأم الكاملة، وإن كانت الأمومة المجردة تثبت بالولادة.
ويكفي من دخل في الإسلام أن يلتزم بأركان الإسلام وفرائضه الأخرى ويذعن لها وإن لم يقم بها فعلا، بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل إسلام من ينطق بالشهادتين ويعتبره مسلما، وإن كان أداؤه لفرائض الإسلام بعد ذلك حين يأتي وقت الصلاة، وحين يحين أداء الزكاة، وحين يأتي شهر رمضان.
ومن دخل في الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين؛ لأن اليقين لا يُزَال بالشك، واليقين المخرج من الإسلام أن ينكر معلوما من الدين بالضرورة، أو يستحل حراما قطعيا لا شك فيه، أو يصدر عنه قول أو فعل لا يحتمل تأويلا غير الكفر؛ كأن يسجد لصنم بغير إكراه، أو يدوس على المصحف الشريف، أو يرميه في القاذورات، أو يسب الله أو رسوله أو كتابه بعبارة صريحة لا لبس فيها ولا شبهة.
ولا يحل لمسلم أن يخرج مسلما من الإسلام بسبب معصية ارتكبها ولو كانت كبيرة من الكبائر، فإن الكبائر تخدش الإسلام، ولكنها لا تزيله بالكلية، بدليل أن القرآن أثبت أخوّة القاتل مع أولياء دم المقتول، فبعد أن قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} قال بعدها: {فمن عُفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} (البقرة: 178).
وكذلك أثبت الإيمان للمقتتلين من المسلمين فقال: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} (الحجرات: 9). ثم قال: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} (الحجرات: 10).
وكذلك فرقت الشريعة بين عقوبات الزاني والقاذف والسارق وقاطع الطريق وشارب الخمر وعقوبة المرتد، ولو كانت كل كبيرة كفرا لعوقب الجميع عقوبة الردة.
وهذا يوجب على أهل العلم أن يتأولوا الأحاديث التي اعتبرت قتال المسلمين بعضهم لبعض كفرا، أو عملا من أعمال الكفار "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"([10])، ويجب ربط النصوص بعضها ببعض، ورد متشابهها إلى محكمها، وفروعها إلى أصولها.
وكما لا يجوز إخراج المسلم من إسلامه بسبب معصية لا يجوز إخراجه منه بسبب خطأ أخطأ فيه؛ لأن كل عَالِم معرَّض للخطأ، وهو مرفوع عن هذه الأمة، فقد وضع الله عنها الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، كما جاء ذلك في حديث ابن عباس عند ابن ماجة، وصححه ابن حبان والحاكم.
وأصحاب المذاهب المعروفة في العالم الإسلامي التي تتبعها جماهير من المسلمين كلهم داخلون في مفهوم الإسلام الذي ذكرناه، سواء كانت هذه المذاهب فقهية، تعنى بالأحكام العملية عند المذاهب السنية الأربعة المعروفة، ومعها المذهب الظاهري، أم كانت مذاهب عقدية تعنى بأصول الدين؛ أي بالجانب العقائدي منه، مثل المذهب الأشعري (المنسوب إلى الإمام أبي حسن الأشعري ت 324 هـ) أو المذهب الماتريدي (نسبة إلى الإمام أبي منصور الماتريدي ت 333هـ)، أم كانت تجمع بين الجانب العقدي والجانب العملي شأن المذهب الجعفري (نسبة إلى الإمام جعفر الصادق ت 148هـ)، والمذهب الزيدي (نسبة إلى الإمام زيد بن علي ت12هـ)، والمذهب الإباضي (نسبة إلى عبد الله ابن إباض التميمي ت 86 هـ).
فهذه المذاهب كلها تؤمن بأركان الإيمان التي جاء بها القرآن (الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر)، والإيمان بالقدر الذي جاءت به السنة داخلٌ ضمن الإيمان بالله تعالى. وكلها تؤمن بأركان الإسلام العملية: الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
وكلها تؤمن بمحرمات الإسلام القطعية من القتل والانتحار والزنا وعمل قوم لوط، وشرب الخمر، والسرقة والغصب، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات المؤمنات، وغيرها من الموبقات التي جاء النهي عنها والوعيد عليها في محكمات القرآن والسنة، وأجمعت عليها الأمة.
وكلها تؤمن بالأحكام القطعية في شريعة الإسلام، في العبادات والمعاملات، والأنكحة والحدود والقصاص، والسياسة الشرعية والمالية وغيرها.
وكلهم تؤمن بالاجتهاد فيما ليس فيه نص قطعي الثبوت والدلالة، وهو اجتهاد له أصوله وضوابطه التي ترجع جميعا إلى أصول الشرع، وإن اختلفت طرائق الاجتهاد بين مذهب وآخر، فمنهم من هو أميل إلى النص، ومنهم من هو أميل إلى الرأي، ومنهم من يجنح إلى الظواهر، ومنهم من يهتم أكثر بالمقاصد. فمن أصاب منهم الحق في اجتهاده فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد؛ لأنه بذل جهده وتحرى الحق فلم يحرم من الأجر، وقد صح بذلك الحديث المتفق عليه. وسواء كان الخطأ في الأصول أم في الفروع، في المسائل العلمية أم في المسائل العملية، كما بين ذلك المحققون من العلماء.
وتأثيم المجتهد في المسائل العلمية الاعتقادية -ناهيك بتكفيره!!- مناف لما قرره القرآن في خواتيم سورة البقرة: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة: 286).
وجاء في الصحيح أن الله تعالى قد استجاب هذا الدعاء، فلو عاقب الله بعد ذلك المجتهد الذي استفرغ وسعه ولكنه أخطأ الوصول إلى الحق لكان معاقبا له على الخطأ وهو مرفوع، ومكلِّفا له ما ليس في وسعه، ومحمِّلاً له ما لا طاقة له به.
وقال الإمام ابن تيمية: "فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ، فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية العلمية، أو في المسائل الفروعية العملية...هذا الذي عليه أصحاب النبي وجماهير أئمة الإسلام. وأما تفريق المسائل إلى أصول يكفر بإنكارها، ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها فهذا التفريق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان، ولا عن أئمة الإسلام".
قال الإمام ابن الوزير: "قد تكاثرت الآيات في العفو عن الخطأ، والظاهر أن أهل التأويل أخطئوا، ولا سبيل إلى العلم بتعمدهم؛ لأنه من علم الباطن الذي لا يعلمه إلا الله تعالى في خطاب أهل الإسلام خاصة: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} (الأحزاب: 5)، وقال تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (البقرة: 286)، وصح في تفسيرها أن الله تعالى قال: قد فعلت في حديثين صحيحين أحدهما عن ابن عباس، والآخر عن أبي هريرة، وقال تعالى: {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} (آل عمران: 135)، فقد ذمهم بعلمهم، وقال في قتل المؤمن مع التغليظ العظيم فيه: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} (النساء: 93)، فقيد الوعيد فيه بالتعمد، وقال في الصيد: {ومن قتله منكم متعمدا} (المائدة: 95)، وجاءت الأحاديث الكثيرة بهذا المعنى؛ كحديث سعد وأبي ذر وأبي بكرة -متفق على صحتها- فيمن ادعى أبًا غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه، فشرط العلم في الوعيد.
ومن أوضحها حجة: حديث الذي أوصى -لإسرافه- أن يحرق ثم يذرى في يوم شديد الرياح نصفه في البر ونصفه في البحر، حتى لا يقدر الله عليه، ثم يعذبه! ثم أدركته الرحمة لخوفه، وهو حديث متفق على صحته عن جماعة من الصحابة، منهم حذيفة وأبو سعيد وأبو هريرة، بل رواته منهم قد بلغوا عدد التواتر، كما في جامع الأصول، ومجمع الزوائد. وفي حديث حذيفة أنه كان نباشا.
وإنما أدركته الرحمة لجهله وإيمانه بالله والمعاد، ولذلك خاف العقاب، وأما جهله بقدرة الله تعالى ما ظنه محالا فلا يكون كفرا إلا لو علم أن الأنبياء جاءوا بذلك، وأنه ممكن مقدور، ثم كذبهم أو أحدا منهم؛ لقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (الإسراء: 15). وهذا أرجى حديث لأهل الخطأ في التأويل.
ويعضد ما تقدم بأحاديث: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء"، وهي ثلاثة أحاديث صحاح.
ولهذا قال جماعة من علماء الإسلام: إنه لا يكفر المسلم بما يبدر منه من ألفاظ الكفر، إلا أن يعلم المتلفظ بها أنها كفر، قال صاحب المحيط: وهو قول أبي علي الجبائي ومحمد "ابن الحسن" والشافعي([11]).
وحتى حديث "افتراق الأمة إلى ثلاثة وسبعين فرقة" الذي اعتمد عليه الأكثرون، وأنها كلها في النار إلا واحدة، هي التي سموها "الفرقة الناجية"، حتى هذا الحديث على ما فيه من كلام في سنده وفي دلالته يجعل هذه الفرق المختلفة ضمن "الأمة" أي أمة الإسلام أو أمة محمد، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: "ستفترق أمتي" فجعلهم في صلب الأمة، فلا يجوز إخراجهم منها بالتأويلات والتكلفات.
وقد روى البخاري عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله، وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته"([12]).
وروى البخاري أيضا: أن أنسا سئل: يا أبا حمزة ما يُحرّم دم العبد وماله؟ فقال: من شهد أن لا إله إلا الله، واستقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو مسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم([13]).
ومعنى هذا: أن نحكم بإسلامه، وتجري عليه أحكام الإسلام، وإن اقترف معصية أو أخطأ في بعض مسائل العلم، سواء كانت في الفروع أم في الأصول، على ما حقّقه الراسخون في العلم.
فقد استجاب الله منا الدعاء الذي علمه لنا في ختام سورة البقرة في رفع إثم النسيان والخطأ عنا {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، ولم يفصل بين المسائل العلمية والعملية، ولا بين قضايا الفروع وقضايا الأصول.
ويعضد ذلك عمل الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم لم يكفّروا الخوارج، كما روى ذلك عن علي وسعد بن أبي وقاص وغيرهما. قال ابن الوزير: وعدم تكفير علي للخوارج ثابت من طرق، وكذلك رده لأموالهم ثابت من طرق. وعن جابر أنه قيل له: هل كنتم تدعون أحدًا من أهل القبلة مشركا؟ قال: معاذ الله!! ففزع لذلك.
قيل: هل كنتم تدعون أحدا منهم كافرا؟ قال: لا([14]).
نُقُول عن كبار الأئمة في إنكار التوسع في التكفير:
وهذا الأمر الذي قررناه هنا قرره كبار الأئمة من مختلف المذاهب وشتى المدارس، ولكي نؤكد هذا الأمر ونزيده وضوحا ورسوخا سننقل هنا بعض الفقرات التي تؤيد هذا الاتجاه، وتمنع التوسع في التكفير.
نُقُول عن الأشاعرة وغيرهم من المتكلمين:
في كتاب "المواقف" لعضد الدين الإيجي، وشرحه للسيد الشريف الجرجاني، وهو من الكتب التي تُعَد عمدة المتأخرين من الأشاعرة:
"جمهور المتكلمين والفقهاء على أنه لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة. فإن الشيخ أبا الحسن -يعني الأشعري- قال في أول كتابه "مقالات الإسلاميين": ضلَّل بعضهم بعضًا، وتبرأ بعضهم من بعض، فصاروا فرقًا متباينين، إلاَّ أن الإسلام يجمعهم ويعمهم. فهذا مذهبه، وعليه أكثر أصحابنا.
"وقد نُقِلَ عن الشافعي أنه قال: لا أرد شهادة أحد من أهل الأهواء (البدع) إلا الخطَّابية، فإنهم يعتقدون حل الكذب.
وحكى الحاكم صاحب "المختصر" في كتاب "المنتقى" عن أبي حنيفة -رحمة الله عليه- أنه لم يُكَفِّر أحدًا من أهل القبلة.
وحكى أبو بكر الرازي مثل ذلك عن الكرخي وغيره. قال: "والمعتزلة الذين كانوا قبل أبي الحسن -أحد رؤوسهم- تجادلوا فَكَفَّروا الأصحاب -يريد الأشاعرة- في أمور، فعارضهم بعضنا بالمثل، فَكَفَّرهم في أمور أخرى.. وقد كَفَّر المجسِّمةَ مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة. وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: كل مخالف يُكَفِّرنا فنحن نُكَفِّره، وإلاَّ فلا".
وأيَّد صاحب "المواقف" وشارحه رأي جمهور المتكلمين والفقهاء في عدم تكفير أحد من أهل الإسلام، ولو خالف الحق في بعض المسائل الاعتقادية -بأن المسائل التي اختلف فيها أهل القبلة مثل: هل الله مُوجدُ فعل العبد أو لا؟ هل له وجهة أو لا؟ هل يُرى في الآخرة أو لا؟ هل يريد المعاصي أو لا؟ ونحو ذلك من القضايا النظرية- لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل مَن دخل في الإسلام وحكم بإسلامه عن اعتقاده فيه، ولا يبحث عن ذلك، وكذلك الصحابة والتابعون.
فعُلِمَ أن صحة دين الإسلام لا تتوقف على معرفة الحق في تلك المسائل، وأن الخطأ فيها ليس قادحا في حقيقة الإسلام؛ إذ لو توقفت صحة الإسلام عليها، وكان الخطأ فيها قادحًا في تلك الحقيقة، لوجب أن يُبحث عن كيفية اعتقادهم فيها، لكن لم يجر حديث شيء منها في زمانه -صلى الله عليه وسلم- ولا في زمانهم أصلاً([15]).
وقال الإمام الغزالي بعد كلام عن المعتزلة والمشبهة والفِرق المبتدعة في الدين، المخطئة في التأويل، وأنهم في محل الاجتهاد: "والذي ينبغي أن يميل المحصل إليه الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلا، فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة، المصرّحين بقول: لا إله إلا الله خطأ.
"والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم".
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"([16]).
وقال أيضا: "لم يثبت لنا أن الخطأ في التأويل موجب للتكفير، فلا بد من دليل عليه. وثبت لنا أن العصمة مستفادة من قول: "لا إله إلا الله" قطعا، فلا يُدفع ذلك إلا بقاطع.
وهذا القدر كاف في التنبيه على أن إسراف مَن بالغ في التكفير ليس عن برهان. فإن البرهان إما أصل أو قياس على أصل. والأصل هو التكذيب الصريح، ومَن ليس بمكذِّب فليس في معنى الكذب أصلاً، ويبقى تحت عموم العصمة بكلمة الشهادة"([17]).
(............. تم حذف جزء من النص وللاستفادة مراجعة موقع الدكتور القرضاوي)
من هو المؤهل للفتوى في دين الله؟
وأما إجابة السؤال الثالث فنقول وبالله التوفيق:
إن الفتوى منصب عظيم الأثر، بعيد الخطر، فإن المفتي -كما قال الإمام الشاطبي- قائم مقام النبي صلى الله عليه وسلم، فهو خليفته ووارثه "العلماء ورثة الأنبياء".. وهو نائب عنه في تبليغ الأحكام، وتعليم الأنام، وإنذارهم بها لعلهم يحذرون، وهو إلى جوار تبليغه في المنقول عن صاحب الشريعة قائم مقامه في إنشاء الأحكام في المستنبط منها بحسب نظره واجتهاده، فهو من هذا الوجه -كما قال الشاطبي- شارع واجب اتباعه، والعمل على وفق ما قاله، وهذه هي الخلافة على التحقيق([28]).
واعتبر الإمام أبو عبد الله ابن القيم المفتي موقِّعا عن الله تعالى فيما يفتي به، وألف في ذلك كتابه القيم المشهور "إعلام الموقعين عن رب العالمين" الذي قال في فاتحته: "إذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله، ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات؟!".
إنكار السلف على من أفتى بغير علم:
وكان السلف ينكرون أشد الإنكار على من اقتحم حمى الفتوى ولم يتأهل لها، ويعتبرون ذلك ثلمة في الإسلام، ومنكرا عظيما يجب أن يمنع.
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء. فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".
وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أفتى بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه". وذلك لأن المستفتي معذور إذا كان من أفتاه لبس لبوس أهل العلم، وحشر نفسه في زمرتهم، وغرّ الناس بمظهره وسمته.
غير أن من أقر هذا المفتي -بعد تبين جهله وخلطه- من ولاة الأمور يشاركه في الإثم أيضا، ولا سيما إذا كان من أهل الحظوة لديهم، والقربى إليهم، فهو ينفعهم وهم ينفعونه على طريقة "احملني أحملك"!
ومن ثم قرّر العلماء: أن من أفتى وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص، ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو عاص أيضا.
ونقل ابن القيم عن أبي الفرج بن الجوزي -رحمه الله- قال: ويلزم ولي الأمر منعهم، كما فعل بنو أمية.
قال: وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب وليس له علم بالطريق، وبمنزلة من لا معرفة له بالطب وهو يطب الناس، بل هو أسوأ حالا من هؤلاء كلهم. وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبيب من مداواة المرضى فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين؟!.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية شديد الإنكار على هؤلاء، ولما قال له بعضهم يوما: أجُعِلت محتسبا على الفتوى؟! قال له: يكون على الخبازين والطباخين محتسب، ولا يكون على الفتوى محتسب([29]).
والإمام أبو حنيفة رغم ذهابه إلى عدم الحجر على السفيه احتراما لآدميته، يقول بوجوب الحجر على المفتي الماجن المتلاعب بأحكام الشرع، لما وراء تلاعبه من ضرر عام على الجماعة المسلمة لا يقاوم حقه الفردي في حرية التصرف.
وقد رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن -شيخ الإمام مالك- يبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقال: استفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم! قال: ولبعض من يفتي هاهنا أحق بالسجن من السراق!.([30])
وقال غير واحد من السلف في بعض أهل زمانه: إن أحدهم يفتي في المسألة لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر!.
وأقول: فكيف لو رأى ربيعة وغيره ما رأينا من علماء زماننا نحن؟ وكيف أصبح يفتي في قضايا الدين الكبرى من لا علم له بالأصول ولا بالفروع، ولم يتصل بالقرآن والسنة اتصال الدارس المتعمق، بل اتصال الخاطف المتعجل؟
بل كيف أصبح بعض الشباب يفتون في أمور خطيرة بمنتهى السهولة والسذاجة، مثل قولهم بتكفير الأفراد والمجتمعات، وتحريمهم على أتباعهم حضور الجمع والجماعات؟!
وكثير من هؤلاء ليسوا من "أهل الذكر" في علوم الشريعة، ولا كلّف نفسه أن يجلس إلى أهل الذكر ويأخذ عنهم، ويتخرج على أيديهم، إنما كوّن ثقافته من قراءات سريعة في كتب المعاصرين، أما المصادر الأصلية فبينه وبين قراءتها مائة حجاب وحجاب، ولو قرأها ما فهمها؛ لأنه لا يملك المفاتيح المعينة على فهمها وهضمها. فكل علم له لغة ومصطلحات لا يفهمها إلا أهله العارفون به المتخصصون فيه، فكما لا يستطيع المهندس أو الطبيب أن يقرأ كتب القانون وحده دون مرشد ومعلم، ولا يستطيع القانوني أن يقرأ كتب الهندسة وحده، كذلك لا يستطيع أحد هؤلاء أن يدرس كتب الشريعة وحده دون موجه يأخذ بيده.
ثقافة المفتي:
إن المفتي أو الفقيه الذي يقوم مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بل يوقع عن الله جل شأنه، جدير بأن يكون على قدر كبير من العلم بالإسلام والإحاطة بأدلة الأحكام، والدراية بعلوم العربية، مع البصيرة والمعرفة بالحياة وبالناس أيضا بالإضافة إلى ملكة الفقه والاستنباط.
لا يجوز أن يفتي الناس في دينهم من ليس له صلة وثيقة وخبرة عميقة بمصدريه الأساسيين: الكتاب والسنة.
ولا يجوز أن يفتي الناسَ من لم تكن له ملكة في فهم لغة العرب وتذوقها، ومعرفة علومها وآدابها حتى يقدر على فهم القرآن والحديث.
ولا يجوز أن يفتي الناس من لم يتمرس بأقوال الفقهاء، ليعرف منها مدارك الأحكام، وطرائق الاستنباط، ويعرف منها كذلك مواضع الإجماع ومواقع الخلاف.
ولا يجوز أن يفتي الناس من لم يتمرس بعلم أصول الفقه، ومعرفة القياس والعلة، ومتى يستعمل القياس، ومتى لا يجوز.
كما لا يجوز أن يفتي من لم يعايش الفقهاء في كتبهم وأقوالهم، ويطلع على اختلافهم، وتعدد مداركهم، وتنوع مشاربهم، ولهذا قالوا: من لم يعرف اختلاف الفقهاء لم يشم رائحة الفقه.
ولا يجوز أن يفتي الناس من يعيش في صومعة حسية أو معنوية، لا يعي واقع الناس، ولا يحس بمشكلاتهم.
يروي الحافظ الخطيب البغدادي في كتابه "الفقيه والمتفقه" عن الإمام الشافعي قوله: "لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلا عارفا بكتاب الله، بناسخه ومنسوخه، وبمحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزليه، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيم أنزل. ثم يكون بعد ذلك بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث ما عرف من القرآن، ويكون بصيرا باللغة بصيرا بالشعر، وبما يحتاج إليه العلم والقرآن، ويستعمل مع هذا الإنصات وقلة الكلام، ويكون بعد هذا مشرفا على اختلاف أهل الأفكار، وتكون له قريحة (أي ملكة وموهبة) بعد هذا، فإن كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي".([31])
على أن الحفظ وحده لا يجعل الحافظ فقيها ما لم تكن لديه المقدرة على التمييز المقبول والمردود، والصحيح والمعلول، وكذلك على الاستنباط والترجيح، أو التوفيق بين النصوص بعضها وبعض، وبينها وبين المقاصد الشرعية والقواعد الكلية.
قيل للإمام عبد الله بن المبارك: متى يفتي الرجل؟ قال: إذا كان عالما بالأثر، بصيرا بالرأي.
وبهذا لا يكفي الأثر دون الرأي، ولا الرأي دون الأثر. ولا بد للمفتي من ثقافة عامة، تصله بالحياة والكون، وتطلعه على سير التاريخ، وسنن الله في الاجتماع الإنساني، حتى لا يعيش في الحياة هو بعيد عنها، جاهل بأوضاعها.
يقول الخطيب البغدادي أيضا في "الفقيه والمتفقه": اعلم أن العلوم كلها أبازير للفقه، وليس دون الفقه علم إلا وصاحبه يحتاج إلى ما يحتاج إليه الفقيه؛ لأن الفقيه يحتاج أن يتعلق بطرف من معرفة كل شيء من أمور الدنيا والآخرة، وإلى معرفة الجد والهزل، والخلاف والضد، والنفع والضر، وأمور الناس الجارية بينهم، والعادات المعروفة منهم، فمن شرط المفتي النظر في جميع ما ذكرناه، ولن يدرك ذلك إلا بملاقاة الرجال، والاجتماع مع أهل النحل والمقالات المختلفة، ومساءلتهم وكثرة المذاكرة لهم، وجمع الكتب ومدارستها، ودوام مطالعتها".
ولا يريد الخطيب من المفتي أو الفقيه أن يجمع الكتب في خزائنه من هنا وهناك دون أن يعيها، ويفهم ما فيها، فهذا كمثل الحمار يحمل أسفارا.
ونقل عن بعض الحكماء أنه قيل له: إن فلانا جمع كتبا كثيرة، فقال: هل فهمه على قدر كتبه؟ قيل: لا. قال: فما صنع شيئا، ما تصنع البهيمة بالعلم؟!
وقال رجل لرجل كتب ولا يعلم شيئا مما كتب: ما لك من كتبك إلا فضل تعبك وطول أرقك، وتسويد ورقك!.([32])
إن من أسوأ الأشياء خطرا على المفتي أن يعيش في الكتب، وينفصل عن الواقع. ولهذا أحسن الخطيب -رحمه الله- حين طلب إلى المفتي أن يعرف الجد والهزل، والنفع والضر في أمور الحياة.
ومما قاله الإمام أحمد: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال:
أولها: أن تكون له نية، فإن لم تكن له نية لم يكن عليه نور، ولا على كلامه نور.
والثانية: أن يكون له حلم ووقار وسكينة (إشارة إلى الجانب الأخلاقي).
والثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته (يشير إلى التمكن العلمي).
والرابعة: الكفاية (أي من العيش) وإلا مضغه الناس.
والخامسة: معرفة الناس.([33])
والمراد بـ (معرفة الناس): معرفة الحياة والواقع الذي يحياه الناس.
إن المفتي البصير يجب أن يكون واعيا للواقع، غير غافل عنه، حتى يربط فتواه بحياة الناس، فهو لا يكتب نظريات، ولا يلقي فتواه في فراغ، ومراعاة الواقع تجعل المفتي يراعي أمورا معينة، ويضع قيودا خاصة، وينبه على اعتبارات مهمة.
وقال الإمام ابن القيم: إن الفقيه هو من يزاوج بين الواجب والواقع، بمعنى أنه لا ينبغي أن يعيش فيما يجب أن يقع، دون أن يلتفت إلى ما هو واقع بالفعل، أو ينظر إلى زمان مضى، ولا يعرف زمنه هو، ولكل زمن حكم، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم.
وهناك جانب مهم يتعلق بدين المفتى وضميره وتقواه، فإن العلم وحده لا يغني إذا لم يسنده إيمان يعصم صاحبه من اتباع الهوى في فتواه، فالمفروض في المفتي أن يقصد بفتواه وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته، لا إرضاء العوام ولا إرضاء ذي السلطان. وأن يتحرى الحق ما استطاع، ولا يتسرع ليقال عنه عالم علاّمة. ويشاور إخوانه من أهل العلم فيما أشكل عليه، وأن يحيل إلى غيره فيما يراه أعلم به منه، وأن يقول: لا أدري فيما لا يدريه، فهذا ما تقتضيه أمانة العلم ومسئوليته. وقد سئل الإمام مالك عن أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين منها: لا أدري.
هؤلاء هم الأئمة، وهم القدوة، ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدوحة في 14 جمادي الأولى 1426هـ
12 يونيو 2005م
([1]) متفق عليه، رواه البخاري في الإيمان (25)، ومسلم في الإيمان (20) عن عمر بن الخطاب.
([2]) رواه أحمد ومسلم والترمذي عن عبادة.
([3]) رواه الشيخان عن عبادة.
([4]) رواه البزار عن ابن عمر.
([5]) رواه البزار عن أبي سعيد.
([6]) رواه مسلم عن والد أبي مالك الأشجعي.
([7]) رواه أحمد والشيخان عن ابن مسعود.
([8]) رواه أحمد ومسلم عن جابر.
([9]) رواه أحمد ومسلم عن عثمان.
([10]) متفق عليه، رواه البخاري (6166)، ومسلم في الإيمان (65) عن جرير بن عبد الله، وابن عمر.
([11]) انظر: إيثار الحق على الخلق، ص392-394.
([12]) رواه البخاري في الصلاة، رقم (391).
([13]) البخاري في الصلاة، رقم (393).
([14]) رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح، وصححه ابن حجر في المطالب العالية (3/296).
([15]) انظر المواقف وشرحه، ج8 ص239-240.
([16]) الاقتصاد في الاعتقاد، ص 223-224، ط مطبعة دار الكتب، بيروت.
([17]) المرجع نفسه، ص 224.
([18]) البحر الرائق، ج 5 ص 134، 135.
([19]) حاشية "رد المحتار"، ج 3 ص399، ط إستانبول.
([20]) المصدر السابق، ج3 ص 428.
([21]) رواه البخاري في استتابة المرتدين (6922) عن ابن عباس.
([22]) الاعتصام للشاطبي، ج3 ص33-35، ط المنار.
([23]) شرح مسلم، ج1 ص150.
([24]) تحفة المحتاج، ج4 ص84.
([25]) انظر: مجموع رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، ج3 ص282 وما بعدها.
([26]) انظر: السيل الجرار، ج4 ص480.
([27]) السيل الجرار (4/ 584، 585).
([28]) انظر: الموافقات (4/ 244، 246).
([29]) انظر: إعلام الموقعين (4/ 317).
([30]) انظر: إعلام الموقعين (4 /207).
([31]) انظر: الفقيه والمتفقه (2/ 157)، مطابع القصيم بالرياض.
([32]) الفقيه والمتفقه (2/158- 159).
([33]) ذكره ابن بطة في كتابه في الخلع، ونقله ابن القيم في الإعلام (4/ 199)