تقصي الحقائق: قتل المتظاهرين تم بالتصويب والقنص.. والشرطة استعملت القوة المفرطة
أ ش أ 19-4-2011 | 16:32 876
ثورة 25 يناير
أكد التقرير الختامي للجنة تقصي الحقائق في شأن الأحداث التي واكبت ثورة 25 يناير أن الشرطة استعملت القوة المفرطة في مواجهة التظاهرات المناوئة لحكم الرئيس السابق حسني مبارك، مستدلا على ذلك من كثرة الوفيات ونوعية الإصابات التي جاءت معظمها في الرأس والصدر، بما يدل على أن بعضها تم بالتصويب وبالقنص.
وأضاف التقرير أن الطلقات النارية والخرطوش التي أطلقتها الشرطة أصابت أشخاصا كانوا يتابعون الأحداث من شرفات ونوافذ منازلهم، لافتا إلى أن مرجع ذلك لمنعهم من تصوير ما يحدث من اعتداءات على الأشخاص، بجانب أن سيارات شرطة مصفحة دهست وسحقت عن عمد بعض المتظاهرين.
وأشار التقرير إلى أنه ثبت من واقع التقارير الطبية الرسمية وغير الرسمية أن عدد الوفيات في أحداث الثورة 864 قتيلا على الأقل فيما تخطت الإصابات 6467 حالة حتى 16 فبراير الماضي، فضلا عن مقتل 26 ضابطا ومجندا من الشرطة خلال الفترة من 25 يناير وحتى 9 فبراير الماضي.
ولفت التقرير إلى أن قطع الاتصالات عن طريق شبكات الهواتف المحمولة والإنترنت والتشويش على القنوات - التي كانت تبث من قلب الأحداث أنباء وأقوالا تشجع الثائرين وتحفز المتابعين - كان مقصودا لحجب الأخبار عن المواطنين وعن العالم ولإعاقة المتظاهرين حتى يحد من توافدهم على أماكن التجمهر ويقلص التنسيق فيما بينهم.
ولم يتضمن ملخص التقرير أسماء الشخصيات التي حرضت على عمليات قتل المتظاهرين في ميدان التحرير يوم الأربعاء الدامي، التي عرفت إعلاميا بـ"موقعة الجمل"، حيث أكد مصدر مسئول بلجنة تقصي الحقائق أن تلك الخطوة جاءت باعتبار أن اللجنة ليست سلطة اتهام، وقد تضمن التقرير الكامل، الذي سلم إلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود عددا من الأسماء ليباشر التحقيق معها.
وذكر التقرير أنه تأكد للجنة تقصي الحقائق من واقع أقوال الشهود ومقطاع الفيديو المصورة أن بعضا من رموز الحزب الحاكم وأعضاء البرلمان (الشعب والشورى) وبعض رجال الشرطة خاصة من المباحث الجنائية قد دبروا المسيرات المؤيدة للرئيس السابق حسني مبارك والتي انتهت بالاعتداءالمكثف من قبل مجموعات ضمتها تلك المسيرات على المتظاهرين السلميين بميدان التحرير، والتي استخدمت فيها الجمال والخيول التي تجرها العربات وقطع الحجارة والهراوات والأسلحة البيضاء والنارية وقنابل المولوتوف الحارقة.
وقال ملخص التقرير إن مشروع توريث رئاسة البلاد من الرئيس السابق حسني مبارك إلى نجله جمال، يعد أحد أهم الأسباب التي قامت بسببها الثورة، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن كل الظروف كانت تنبىء بتمرير سيناريو التوريث، متمثلة في أغلبية برلمانية كاسحة ورأي عام عالمي لا يعارض الفكرة.. غير أن المشروع كان مرفوضا جماهيريا ومن النخبة المثقفة، فضلا عن أنه كان لا يلق ترحيبا من المؤسسة العسكرية لعلمها بحالة الفساد الكبيرة والتي استشرت في البلاد.
وتابع التقرير أن مقولات من نوعية "الفكر الجديد" كانت قد بدأت في الازدهار في الوقت الذي بدأ فيه النظام السياسي يفقد رشده وتوازنه في حكومة من رجال الأعمال جمعت بين المال والسلطة بمعزل عن الجماهير والمواطنين، علاوة على السلطات والصلاحيات الواسعة للنخبة الحاكمة وفي صدارتها رئيس الدولة، والتي لا تقابلها (الصلاحيات) مسئولية، والتي خولت له التحكم في كل مصائر الدولة دون أن يطاله أي إجراء أو عقاب.
كما أكد أن التزوير الفاضح لانتخابات مجلس الشعب والتي كانت قد جرت في نهاية العام الماضي بحصول الحزب الحاكم على قرابة 97 % من المقاعد بما حمله من تناقض مع واقع الشعب المصري، ساهم في إشعال شرارة الاحتجاجات واندلاع الثورة ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك .. مشيرا إلى أن الانتخابات لم تتم في ظل إشراف قضائي كامل على عكس الانتخابات السابقة عليها في عام 2005 ودون إشراف دولي تحت ذريعة سيادة الدولة، فضلا عما حملته من إهدار واستهانة بأحكام القضاء الخاصة ببطلان الترشيح لبعض الدوائر.
وشدد التقرير على أن الفساد المالي والإداري والسياسي والتضليل الإعلامي بالترويج لديمقراطية نظام الحكم على عكس ما كان يتم على أرض الواقع وإقصاء الكفاءات أوجد مناخا متدهورا أفقد الإعلام الحكومي إبان الثورة مصداقيته وأصبح معه عاجزا عن تكوين رأي عام صحيح.
وأوصت لجنة تقصي الحقائق بوضع دستور جديد يقيم بنيانا ديمقراطيا للبلاد عن طريق لجنة تأسيسية وإعادة النظر في جميع القوانين المقيدة للحريات في مصر، بما يشمل قانون مباشرة الحقوق السياسية، لضمان انتخابات نزيهة وحقيقية يشرف عليها القضاء إشرافا فعليا، على أن يعاد النظر في قانون الأحزاب وجميع القوانين المنظمة للحقوق والحريات العامة.
وأكد التقرير في توصياته أن الدستور المصري (دستور 1971) أعطى صلاحيات مطلقة كان من شأنها أن خلقت ديكتاتورا محصنا من أي عقاب أو مسئولية بغض النظر عن أية جرائم يرتكبها في حق الوطن .. داعيا المشرع إلى أن يحتاط في وضع الدستور الجديد للبلاد بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية حتى يكون خادما للشعب ساهرا على مصالحه.
كما تضمنت توصيات تقرير اللجنة برئاسة المستشار الدكتور عادل قورة الرئيس الأسبق لمحكمة النقض، التي أعلنها المستشار عمر مروان الأمين العام للجنة - إعادة النظر في الإعفاءات الضريبية المقررة لرجال الأعمال مع فرض ضرائب تصاعدية على الدخل تلزم الأغنياء أن يؤدوا ما عليهم من فروض لصالح تنمية الوطن، وأن يعاد النظر في النظام التعليمي لصالح نظام كفء يخرج أجيالا يطلبها سوق العمل، وإصدار قانون لمكافحة جميع صور التمييز الديني أو العرقي أو الاقتصادي بين المواطنين، وتأمين استقلال القضاء استقلالا حقيقيا وإلغاء جميع صور التدخل من جانب السلطة التنفيذية في عمل القضاء وإلغاء جميع صور القضاء الاستثنائي وتيسير وصول العدالة الناجزة الفعالة إلى مستحقيها.
وطالبت اللجنة في توصياتها أيضا بتحديث الجهاز الأمني بما يضمن كفاءته المهنية واحترامه للقانون وحقوق الإنسان وألا يترك الأمر بيد الأمن وحده لحل مشاكل المواطنين وتأهيل عناصره نفسيا ومهنيا، وأيضا تحديث الجهاز الإداري للدولة لزيادة كفاءته والقضاء على الفساد فيه وفتح منافذ الشفافية للحفاظ على المال العام، ووضع نظام صحي يمد الرعاية الصحية المجانية لكل أبناء الوطن.
كما تضمنت التوصيات توسيع المشاركة بجميع أشكالها وصورها لاستيعاب الشباب، والفصل بين منصب رئيس الجمهورية وقيادة الأحزاب السياسية وإنشاء جهاز قومي لمكافحة الفساد يتمتع بالحصانة وتأكيد مبدأ احترام القانون وإخضاع كل المواطنين لأحكامه واحترام أحكام القضاء وخصوصا من الحكومة وإطلاق حرية تكوين الأحزاب.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]