بيوت الشباب بلا دخل أو مستقبل أو شباب
محمد عبدالحميد - نانسى عطية -
بيت شباب الأقصر الذى هدمه محافظها السابق ولم تتحرك الجمعية للحصول على التعويض
Share
اطبع الصفحة
«غرفة 16
مالها؟
عايزه المفتاح
آه.. آه ماشى.. خدى»
حوار قصير بين الرجل الواقف وراء «الكاونتر»، فى مدخل بيت شباب المنيل، يفرك عينيه كل قليل، وبين رحمة، الفتاة الصعيدية التى تقيم فى البيت منذ يومين.
بيت شباب المنيل، واحد من 14 فرعا لجمعية بيوت الشباب المصرية التى تأسست عام 1954. وهى بدورها فرع من جمعية عالمية موزعة فى 70 دولة.
تأخذ رحمة المفتاح وتقف فى انتظار صديقتين تعرفت عليهما فى جمعية شابات الهلال الأحمر فى سوهاج، وشاركن فى معسكر فى بيت شباب الإسماعيلية، ثم جئن معا فى رحلة علمية إلى القاهرة.
«بيت المنيل أحسن عشرين مرة من بيت الإسماعيلية، هناك بقى ما فيش ميه أساسا، والخدمة أى كلام، والبيت مش نضيف، أعتقد عشان الميه مقطوعة طول النهار». تقارن رحمة بين بيتى شباب المنيل والإسماعيلية.
خلال وقفتها، تراقب رحمة حوارا يدور بين الرجل الواقف وراء الكاونتر، وزائر.
«البيت مفتوح للكل، مش لازم تكون عضوا فى الجمعية عشان تسكن، بس المهم ما تكونش من سكان المحافظة اللى فيها البيت، ومش مسموح لك تقعد أكتر من 3 أيام، عشان غيرك يسكن»، يقول طارق، والذى يعمل مشرفا فى بيت شباب المنيل منذ 22 سنة.
«زميلى الريسيبشن غايب النهارده، واحنا بصراحة هنا أسرة واحدة، مافيش بينا عامل ومشرف، لو غاب زميل أى حد يسد مكانه، يشوف طلبات النزلاء، يرد ع التليفون»، يبرر طارق وقوفه فى استقبال الزوار، رغم أنه يعمل مشرفا لا موظف استقبال.
تنظر رحمة إلى حامل معدنى بجوارها، عليه مصحفان أحدهما ممزق، وكتاب عن الإصلاح الزراعى، ودليل جامعة المنيا، ونسختان من كتاب اسمه «البرلمان»، ومعجم الإملاء الحديث.. لا ترى رابطا بين هذه الكتب، إلا أنها جميعا يغطيها التراب الكثيف.
تعود رحمة لمتابعة الحوار الدائر أمامها.
«فيه غرف مكيفة وفيها 3 سراير، دى 45 جنيها للسرير فى اليوم من غير غدا، بالغدا تبقى 52 جنيها. وفى غرف مش مكيفة فيها سراير برضه، ودى السرير فيها 35 جنيها، وبالغدا 42، أما الغرف اللى فيها 20 سريرا، كل اتنين فوق بعض، فإيجار السرير 20 جنيها بس، وفى كل الأحوال كل واحد له بطانيته ودولابه عشان يقفل على حاجته»، يقول طارق.
يسأل الزائر عن رسوم الاشتراك فى عضوية الجمعية، ويجيبه الموظف: «حسب الحالة العمرية، يعنى اللى عنده بين 6 و18 سنة اشتراكه 15 جنيها، و20 جنيها لغاية 25 سنة، ولو فوق 25 سنة تدفع 30 جنيها».
يحدد طارق الميزتين الوحيدتين للانضمام لعضوية الجمعية والحصول على الكارنيه، «تكلفة الغرفة بتقل 2 جنيه، وتبقى ليك أولوية فى التسكين»..
يضم بيت شباب القاهرة 37 غرفة، طاقتها الإجمالية 170 سريرا، وبحسب اللائحة الأساسية لا تهدف جمعية بيوت الشباب للربح، وأهدافها توفير أماكن مناسبة للشباب الرحالة، وتشجيع غير الرحالة على السفر ومعرفة العالم. وفى مصر يعين المجلس القومى للشباب والرياضة مجلس إدارتها، «لا انتخابات ولا يحزنون»، كما يقول أحمد الشاهد، المدير العام للجمعية.
أخيرا جاءت صديقتا رحمة. «ممكن نطلع يا أستاذ طارق؟».
«آه، اتفضلوا. خلصوا نضافة خلاص»، يجيب طارق.
لابد للنزلاء من إخلاء غرفهم بين العاشرة صباحا والثانية ظهرا. هذه الفترة مخصصة لأعمال النظافة والصيانة إذا كانت هناك حاجة إليها. حسب قول طارق.
من بين 14 بيتا للشباب فى مصر، تعمل 6 بيوت فقط، أما الباقى فمغلق، حسبما يؤكد الشاهد، «أصلا، عدد أعضاء الجمعية انخفض من 37 ألف عضو فى 1998، إلى 4 آلاف بس فى 2011، والسبب الفساد وقلة الدعاية والاهتمام ببيوت الشباب»، يكمل مدحت سالم، مدير الشئون الإدارية بالجمعية.
يتخذ سالم من إغلاق فيللتين تابعتين لبيت الغردقة منذ 8 سنوات دون مبرر، مثالا لإهمال مجلس الإدارة وتقاعسه عن إدارة موارد الجمعية، يضيف إلى ذلك قيام محافظ الأقصر بهدم بيت الشباب هناك دون تعويض الجمعية عنه، ثم سحب بيت السويس، ثم إغلاق دور كامل من بيت شباب الإسماعيلية. «حاجة توجع البطن»، حسب تعبير شريف عبدالوهاب، المسئول المالى.
يتحسر عبدالوهاب على الجمعية، التى خسرت جمهورها، وحتى 700 ألف جنيه كان المجلس القومى للشباب يقدمها لها كدعم سنوى، ثم تخلى عن تقديمه قبل سنتين، ولم يتحرك مجلس الإدارة لاستعادته.
لا أحد يسمع عن بيوت الشباب، «ولولا إننى عضوة فى شابات الهلال الأحمر ما كنتش سمعت عنها»، كما تقول رحمة.
الشروق