كانت إدارة الغذاء والدواء قد أصدرت تحذيرا الجمعة الماضي، من استخدام نوعين من أنواع كريمات (مراهم) معالجة الحساسية (الإكزيما) استجابة لتوصية اللجنة الاستشارية فيها، بعد مراجعتها لنتائج الدراسات التي دارت حول هذه الكريمات (كريم إلديل ومرهم بروتوبك) في نشوء سرطان الجلد وسرطان الغدد الليمفاوية، وكانت بعض التعليلات قد ذكرت أن التحكم في حالات الإكزيما يستدعي التحكم في جهاز المناعة عن طريق استخدام مواد تؤثر على خلاياها عن طريق تثبيط نشاطها غير الطبيعي مما قد يسبب اضطرابا في خلايا الدم البيضاء المرتبطة بالغدد اللمفاوية وبالتالي قد تسبب السرطان. الحساسية هي استجابة أو تفاعل غير عادي لجهاز المناعة في الجسم أو أحد أعضائه مع مؤثرات أو مواد خارجية تنتج عنها مجموعه من الأعراض تختلف باختلاف العضو المتحسس. وتوجد تلك المواد في المحيط المباشر مع الجسم، كأن توجد في الهواء كالغبار وحبيبات اللقاح وغبار الطلع أو في الأطعمة أو في الأقمشة وغيرها، وتعتبر الحساسية من الأمراض الشائعة، حيث تصيب شخصا من كل عشرة أشخاص كإصابة مؤقتة أو دائمة، ووفقا لما جاء في تقرير الأكاديمية الأميركية لأمراض المناعة والحساسية والربو أن أكثر من عشرين بالمائة من الأطفال والبالغين مصابون بأمراض الحساسية (أي أربعين إلى خمسين مليونا) في الولايات المتحدة فقط، وتعتبر أمراض الحساسية سادس الأسباب لحدوث أمراض الجسم المزمنة.
وللحساسية أعراض تختلف باختلاف العضو المصاب فمثلا ينتج عن حساسية العين الإحساس بالحرقة والحكة واحمرار العين وزيادة إفراز الدمع، أما حساسية الأنف فيكثر فيها العطس وحكة الأنف وانسداده ويكثر سيلان الأنف، بينما تنتج عن حساسية الصدر أعراض أخرى كالسعال وضيق النفس والكتمة الصدرية والصفير، كما أن للجهاز الهضمي أعراضا لتحسسه من بعض أنواع الطعام كالإسهال. ويعتبر كثير من الأطباء أن ظهور الصداع الناتج عن شد العضلات أو الشقيقة ما هو إلا نوع من أنواع الحساسية للرأس.
* حساسية الجلد
* وأخيرا تأتي حساسية الجلد موضوع حديثنا في هذا المقال عندما تدخل إلى جسم الإنسان مادة أو عدة مواد عن طريق الفم أو الاستنشاق أو الملامسة أو الحقن بأي من أشكاله الثلاثة، وحتى الآن لم يستطع الباحثون إيجاد جواب شاف للسؤال المطروح دائما: لماذا يكون بعض الأشخاص عرضه للتحسس للمواد التي تنتج عنها أمراض الحساسية بينما لا تؤثر هذه المواد على البعض الأخر؟، لذلك وضعت بعض النظريات التي تعتبر كعوامل مساعدة لظهور أمراض الحساسية منها:
ـ أن الأطفال الذين تناولوا حليب الأم (الرضاعة الطبيعية) هم أقل عرضة لأمراض الحساسية عكس الأطفال الذين تناولوا الحليب الصناعي.
ـ تزداد نسبة الإصابة بأمراض الحساسية لدى الأشخاص الأكثر عرضة للمواد الكيميائية والصناعية كالأفراد العاملين في المصانع أو الذين يعيشون في مناطق يكثر فيها التلوث البيئي كغازات المصانع وعوادم السيارات.. الخ.
ـ يعد العامل الوراثي من أهم الأسباب والأكثر شيوعا في ظهور أمراض الحساسية، حيث يزداد ظهورها بين الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي لأمراض الحساسية.
كيف تحدث الحساسية؟ عند تعرض الجسم لأحد المواد المثيرة له يتفاعل جهاز المناعة بصورة مبالغ فيها ويتأهب لمحاربة هذه المادة الغازية للقضاء عليها، فيقوم بإفراز أجسام مضادة تسمى إمينوجلوبلين، إي (immunoglobulin e) والتي بدورها تأمر خلايا الحساسية في الجسم (mast cells )بإفراز مادة الهيستامين وغيرها إلى الدم كي تدافع عن الجسم وتحميه من هذا الغازي، عندها تبدأ أعراض الحساسية بالظهور على الجسم. والجدير بالذكر أن السبب في ذلك هو المواد التي تفرزها خلايا الحساسية في الجسم وليس المادة المثيرة بذاتها.
وعند تعرض الجسم في المستقبل لنفس المادة سيتنبه الجسم لها ويحدث نفس هذا التفاعل التحسسي مرة بعد مرة.
وتنقسم المواد المثيرة للحساسية الى:
ـ المواد التي تنتقل عبر الهواء كالغبار وغبار الطلع أو حبوب اللقاح والتراب وريش الطيور وفراء الحيوانات المتطاير.
ـ الأطعمة والمأكولات كحليب البقر والبيض والأسماك والمحار، والفول السوداني والمكسرات الأخرى كاللوز والفستق والصويا والقمح، وبعض الفواكه كالموز والفراولة والكيوي، ولا ننسي الشوكولاته.
ـ العقاقير الطبية كالمضادات الحيوية (البنسلين). وبعض أنواع اللقاحات. كما أن بعض العقاقير المضادة للحساسية قد تثير الحساسية لدى بعض الأشخاص. ـ المواد الكيميائية كالصبغات والمنظفات المنزلية ومبيدات الحشرات.
ـ لدغات الحشرات وقرصات النحل.
ـ ملامسة بعض أنواع النباتات كبعض الزهور والأشجار.
* أنواع الالتهاب
* كما أن هناك قاعدة تقول إن كل مادة أو مؤثر خارجي ممكن أن يثير الحساسية لدى الأشخاص الذين لديهم قابلية لأمراض الحساسية، كلبس الفضة أو الذهب من الممكن أن يسبب حساسية الجلد عند بعض النساء، كما أن العامل النفسي والتقلبات المزاجية تعلبان دورا أيضا، فالتعرض لنوبات الغضب أو القلق أو الاكتئاب والحزن قد تكون عوامل مساعدة لظهور نوبات حساسية الجلد أو الأنف أو الصدر. ومن أشهر صور حساسية الجلد: التهاب الجلد التأتبي أو الإكزيما التأتبية وغالبا ما تسمى بالحكة الطافحة، والتي تحدث في أي عمر. وتظهر على شكل طفح جلدي (بقع حمراء) في أي منطقة من الجسم مسببا حكة شديدة والتي بدورها تهيج الجلد فيزداد ظهور الطفح، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة.
وتعتبر الإكزيما التأتبية من أنواع الحساسية الوراثية فغالبا ما يكون أحد أفراد العائلة مصابا بنوع من الحساسية كالربو أو حساسية الطعام أو غيرها من الأنواع الأخرى. ويتغير شكل الطفح مع تقدم العمر وهي شائعة جدا في سن الطفولة المبكرة، حيث تظهر على شكل بقع ملتهبة تنز منها إفرازات أو تتقشر، وأكثر ما تظهر في هذه المرحلة من العمر على منطقة العانة والوجه والعنق، وأثناء سنوات الطفولة والمراهقة يوجد الطفح أساسا في ثنايا الجلد، ويزول غالبا من تلقاء نفسه في أغلب الأحوال,أما لدى الكبار فتتركز في منطقة واحدة غالبا ما تكون اليدين.
ومن الأنواع الأخرى الشائعة: التهاب الجلد الاحتكاكي (contact dermatitis) الذي ينشأ عقب الاحتكاك إما مهيجة للجلد أو مسببة للحساسية. وفي كلتا الحالتين تبعا لطول فترة تعرض الجلد للاحتكاك بهذه المادة. يصاب الجلد بحكة وقد يتورم أو تظهر به فقاقيع. ويتوافق نمط وشكل الطفح مباشرة مع المنطقة التي تعرضت للمادة المهيجة. ومن أهم مسببات هذا النوع من الالتهاب الجلدي المنظفات المنزلية والمعادن المستخدمة في المصوغات,وبعض المنتجات المطاطية كالقفازات والواقيات الذكرية,وبعض مستحضرات التجميل والنباتات كاللبلاب السام، وغالبا ما تظهر الأعراض بعد التعرض للسبب بيوم أو يومين. أن أغلب أنواع حساسية الجلد تعالج بصورة سريعة وبسيطة باستخدام كريمات الهيدروكورتيزون ومرطبات الجلد ومثبطات خلايا جهاز المناعة، كما أن استخدام الأقراص المضادة للهستامين تساعد على تخفيف الحكة الجلدية المصاحبة ولكن قد تشعر المريض بالنعاس والخمول عند استخدام الأنواع القديمة منها.