أوسكار 2011 بين The Social Network و The King’s Speech
قبل شهر من الآن ، كان حسم “The Social Network’ ومخرجه ديفيد فينشر لجائزني أفضل فيلم ومخرج في حفل الأوسكار مسألة وقت ليسَ أكثر ، ولكن عودة الملك من بعيد بخطبة تخطف أهم ثلاث جوائز قبل فجر الاثنين – حيث موعد الحفل - .. يجعل الجزم بمن سيفوز أمر شديد الصعوبة ! ، ويجعل الملك جورج السادس الذي يتجاوز صعوبات النطق ليقود المملكة البريطانية .. في مواجهة متكافئة مع الشاب العشريني مارك زوكربيرج صاحب موقع الفيس بوك والذي يمثّل جيلاً كاملاً من شباب الألفية !!
ببساطة : هذا العام واحداً من أعنف التنافسات الأوسكارية خلال الألفية الثالثة ، بين فيلمين رفيعي المستوى .. وفوز أي منهما بالجائزة سيُؤيد بأسبابٍ عدّة .
شبكة فينشر :
حقق "الشبكة الاجتماعية" استقبالاً نقدياً مذهلاً من نقاد أمريكا عند صدوره في نهاية الصيف الماضي ، الأغلبية منهم أعطاه العلامة الكاملة (10 من 10) ، وكانت نقطة الارتكاز في مديحه واضحة : لا يوجد فيلم تحدّث عن هذا الجيل وسيعتبر بعد عدة عقود تأريخاً لهم كمثل هذا الفيلم ، ولذلك صار التعامل مع الفيلم باعتباره كلاسيكية في عام صدوره يبدو سهلاً ، وذهب البعض إلى اعتباره يمثل للألفية ما مثلته أفلام من قبيل Citizen Kane في الأربعينات أو Rebel without a Cause في الخمسينات وEasy Rider في الستينات ، وغيرها من الكلاسيكيات الهوليودية التي صارت تؤخذ الآن نموذجاً في دراسة شباب كل جيل .
كل هذه الأهمية تُوّجت في موسم الجوائز الذي يسبق الأوسكار بمعادلة صريحة : "رُشح الفيلم لكل جوائز الجمعيّات النقدية والنقابات المهنيّة في أمريكا .. وفاز بأغلبها" : مما يعني أن فوزه صار مسألة وقت .
خصوصاً أن بعد ذلك حَدثت الثورة المصريّة ، معتمدة في جزءٍ منها على ما أحدثه الفيس بوك من تغيير وقدرة على التواصل ، مما صنع منها أول ثورة مُحدّدة التوقيت في التاريخ ! ، مما صَبَّ في مصلحة فيلم فينشر وزاد من أهميته .. فهو الفيلم الوحيد الذي يؤرّخ لعقلية هؤلاء الشباب الذين جعلوا من الفيس بوك أنجح موقع في تاريخ الإنترنت .. بدءً من صانعه "مارك زوكربيرج" وحتى أحدث مستخدميه ، ووصل الأمر إلى أن مُحلّل سياسي كبير كروبيرت فيسك يتطرق في أحد مقالاته عن الثورة المصرية لفيلم فينشر ، متندراً بأن صاحب الموقع لم يكن يتصور للحظة أن فكرة بسيطة صنعت موقعه أمكنها أن تمنح لشعبٍ حُريّته . كل ما سبق من فرضية فوز "الشبكة الاجتماعية" حتمية ، ولكن ما حدث بعد ذلك في ختام موسم الجوائز .. وحصد فيلم "خطاب الملك" للمخرج توم هوبر لأهم الجوائز ، قلب الموازين رأساً على عقب .
خطبة هوبر :
لتبدو الصورة واضحة عدد أعضاء الأكاديمية يزيد قليلاً عن 6000 عضو ، أكثر من نصفهم .. من المخرجين والمنتجين والفنانين الذين يمثلون النقابات الثلاث "نقابة المخرين : Directors Guild" .. "نقابة المنتجين : Producers Guild" .. "نقابة الممثلين : Screen Actors Guild" ، بالإضافة إلى الأعضاء الإنجليز المشتركين بين أكاديمية العلوم والفنون (الأوسكار) والأكاديمية البريطانية (البافتا) ، كل هؤلاء .. انحازوا في النهاية للملك وخطابه ! ، ولا يُسجّل تاريخ الأوسكار أن فاز أي فيلم بهذه الجوائز مُجتمعة ولا يُحقق أوسكار أفضل فيلم في النهاية !!
فيلم هوبر هو فيلم (أنيق) ، من نوع تفضله الأكاديمية .. زخم فني مُذهل وقيمة فنيّة رفيعة ، وأداءات سيتوَّج – على الأغلب – اثنين منها في جوئز التمثيل – كولين فيرث كأفضل ممثل وجيفري راش كأفضل ممثل مساعد - ، وفوق كل هذا : انحياز أكثر من نصف أعضاء الأكاديمية له في جوائز النقابات المهنيّة ، كل هذا يصبّ ويجعل من فوزه شديد المنطقية .
ولكنه في المقابل أمامه خصماً شديد الصعوبة ، (أهم) من الناحية التأريخيّة ، و(مختلف) بحيث لا نُشاهد كثيراً فيلماً مثله ، ومُدعّم كذلك بأحداث حاضرة بشدة على الساحة .. كثورة مصر والتأثير الشديد للفيس بوك ، فيلماً انحازت له كل الجمعيات النقدية بطول الولايات الأمريكية وجعله النقاد – تبعاً لمُجمل تقييماتهم – هو الأكثر مديحاً منذ بدء الألفيّة .
كل هذا يجعل من الصعب – أو من المستحيل ! – الجزم بهويّة الفائز ، ويجعل من الحفل القادم هو أعنف مناسبات الأوسكار منذ ثلاثة عشر عاماً .. ليلة تقاسم فيلمي "Shakespeare in Love" و"Saving Private Ryan" جوائز الحفل وظلّت الجائزة مُعَلَّقة بينهم حتى الثانية الأخيرة .
من سيفوز بالأوسكار ؟ :
أتوقع أن يتم تقاسم الكعكة ، سيفوز الفيلمين بجائزتي السيناريو – أحدهما أصلي والآخر مقتبس - ، وتُمنح جائزة أفضل مخرج وأفضل مونتير لديفيد فينشر ، في مقابل أن يفوز (الملك) كولين فيرث بأفضل ممثل و(خطاب الملك) بأفضل فيلم .. !
سينما