سكينة فؤاد يكتب : إلى من يتطاولون على تاريخ بورسعيد هل سيحقق التعليق أو التحليل الرياضى مجدا إذا أشعل حربا أهلية بين أبناء مدن مصر وأشعل بينهم صراعا وجعل الفتن الكروية تكمل ما سعت إليه الفتن الدينية من تمزيق للنسيج الوطنى الذى كانت قوته وتماسكه من أسرار امتداد هذه الأمة وانتصارها على كل ما تعرضت له من غزوات وحملات واحتلال؟ هل يريدون أن يجعلوا الهوية الكروية أكبر وأعز من الهوية والانتماء الوطنى؟ هل فى هذه اللحظات المصيرية التى نعيشها يقبل أى ضمير لمعلق أو مقدم برامج رياضية أن يصنع ما يظن أنه نصر إعلامى وهو فى الحقيقة ليس إلا خرابا وتخريبا فى الوطن؟ كيف يتطاول بعض المعلقين على تاريخ مقاومة وانتصارات أبناء بورسعيد وهو جزء عزيز من تاريخ المقاومة الشعبية للمصريين؟ بديهيات يعرفها جيدا من عرف وقرأ تاريخ بلاده.. وليس أسهل من اتهام من يشكك أو يقلل أو يطعن أو يصطنع وقائع لم تحدث من اتهامه بالجهل، لكننا لا نريد أن نتبادل اتهامات، ولا أن نصنع معارك فارغة ومصر تواجه تحولات مصيرية فى تاريخها، وثورتها العظيمة فى 25 يناير تواجه أشرس مخطط ممنهج ومنظم للقضاء عليها، إلا إذا كان الإعلام الذى يتطاول على التاريخ ويسىء إليه جزءا من هذه الثورة المضادة!
كان أبناء بورسعيد أكثر من غضبوا وجُن جنونهم للمجزرة التى ارتُكبت فوق أرض مدينتهم التى ارتوت بدماء أبنائهم من شهداء المقاومة وما زالوا يطالبون وينتظرون نتائج التحقيقات للانتقام والثأر من كل شريك فى ارتكاب المجزرة الآثمة. وأن يوجد بلطجية فى بورسعيد فمثلهم مثل من اكتشفنا بعد الثورة أنهم يملؤون مصر، أعدهم النظام الساقط ليطلقهم على كل من يعارضونه ويعارضون مشروعه للتوريث، وكان استخدام البلطجية فى قتل الثوار منذ موقعة الجمل 2/2/2011 جزءا من حرب الثورة المضادة، وتمت الاستعانة بهم فى خطف المواطنين وطلب الفدية والترويع والتهديد، وما حدث فى جميع أنحاء مصر حدث مثله فى بورسعيد، وأظن أن البورسعيدية لم يكونوا وراء قتل شباب الثورة وفقء أعين أجمل وأنبل أبناء مصر وسحلهم وانتهاك حرمة وكرامة فتياتهم، وكل ما توالى حدوثه بعد موقعة الجمل فى مسرح البالون وماسبيرو وميدان العباسية الذى استشهد فيه ابن النوبة العزيز محمد محسن، ثم أحداث ودماء مصابى وشهداء محمد محمود ومجلس الوزراء!
من المؤكد أن الأمناء والعارفين بالتاريخ من المعلقين والنقاد والمحللين سيمتنعون عمّا يسىء إلى أبناء بورسعيد ويثير مزيدا من غضبهم، ولن يواصل إلا من يؤدى دورا لإشعال مزيد من النار التى تحرق وتدمر وتتنفس بها مخططات الثورة المضادة! أما النادى المصرى فهو نادى أبناء بورسعيد، وليس ملكا لمجلس إدارته، وتوقيع عقوبات على النادى يعنى اتهام البورسعيدية بارتكاب المجزرة التى حدثت فى استادهم، ومن لا يعرف ولم يقرأ يستطع أن يرجع إلى ما تبثه الصحافة العالمية إشادة بالمقاومة البطولية والانتصار المذهل لأبناء بورسعيد على القوات البرية والبحرية والجوية لثلاثة جيوش، ودائما كان أبناء بورسعيد يؤكدون أنهم جزء من المصريين ومن البطولات والمقاومة المصرية عبر التاريخ الطويل والعظيم، فماذا تريدون بالتهوين والتشكيك والتمزيق والتطاول الذى لا يكشف فقط عن جهل بتاريخ مصر، لكن عن الأخطر وهو التجاهل للمسؤولية الوطنية؟! إذا أثبتت التحقيقات أخطاء ارتكبها مسؤولون بإدارة النادى المصرى فليحاسَب ويعاقَب من أخطأ بعد إعلان نتائج التحقيقات بشفافية كاملة، ونعرف جميع شركاء صناعة المأساة فوق أرض مدينة الأبطال بورسعيد.. ما أسماء من استحضروا واستأجروا ومولوا فرق الموت التى نفذت فنون هذا القتل الاحترافى الدنىء والحقير والذى كان يستعصى على الآذان سماع تفاصيله؟ من جلب البلطجية الذين يروعون بورسعيد منذ قامت الثورة ويسكنون مناطق معروفة تحيط ببورسعيد ويحتجزون فيها غنائمهم من البورسعيدية المختطَفين ولا يتم تسليمهم إلا بعد دفع الفدية علنا وتحت أسماع وأبصار الجميع والأمن أولهم؟ ثم هل كان بلطجى أو قاتل أجير يستطيع أن يؤدى المهمة القذرة ويمارس هذا القتل البشع إذا أحكمت سلطات وقوات الأمن مهمات الحراسة والتأمين؟!
■ أعلنوا الحقائق كاملة.. واحذروا الاقتراب بظلم جديد لأبناء بورسعيد الذين ينتظرون أكثر من أى مصرى نتائج التحقيقات وتوقيع العقوبات على جميع شركاء المجزرة الحقيرة التى لا يمس من قريب أو بعيد وقوعُها على أرضهم تاريخَهم ونضالهم وبطولاتهم وما قدموه لبلدهم من شهداء.
ليس ذنب أبناء بورسعيد أن يوجد من يجهل أو من لم يقرأ تاريخ بلده، وأدعوهم أن يقرؤوا الأجزاء الأربعة من موسوعة تاريخ بورسعيد التى كتبها وملأها بالوثائق والشهادات والصور التى لا تكذب ابن بورسعيد ومؤرخها الأستاذ ضياء القاضى. اسمحوا لى أن أنقل لكم ملخص حدثين وقعا الجمعة 9 نوفمبر 1956: الأول جزء من سباق البطولات وترويع القوات الغازية، الشهيد عبد الله إبراهيم من الفدائيين مهمة مجموعته الدفاع فى منطقة تقاطع شارعَى محمدين والتجارى، تقدمت قافلة من الدبابات السنتريون البريطانية تخترق المدينة لتغلق مدخلها. تقدم البطل السيد عبد الله من الدبابة الأولى التى تقود قافلة الدبابات، اقترب من برجها العلوى المفتوح وألقى الشهيد قنبلتين يدويتين أحدثتا انفجارا هائلا قتل طاقمها. اندفعت الدبابة التالية وصبّت على البطل نيران مدافعها، ولم تكتفِ بل تقدمت من جسده الطاهر وسارت عليه وسوّته بالأرض مجنزراتها. نفس المشهد الذى حدث 7 نوفمبر مع الشهيد عسران محمد عسران فى نفس اليوم الجمعة 9 نوفمبر، ومن فوق منبر الجامع الأزهر ووسط الجموع الهادرة والغاضبة من المصريين قال الرئيس جمال عبد الناصر: «بورسعيد هى التى حمت مصر كلها.. هى التى فدت مصر والعروبة.. هى التى استطاعت أن تحبط خطط الاستعمار. بورسعيد فدت الدول الصغرى كلها التى تبحث عن الحرية والاستقلال.. بورسعيد فى محنتها كانت تفدى كل واحد منا بدمائها.. كانت تحمى شرف الوطن.. وأنا أعلم أن أهالى بورسعيد قد مروا بمحنة، لكنها أظهرت للعالم أجمع أن مصر ستقاوم مقاومة مستمرة، وأن مقاومة بورسعيد لإنجلترا وفرنسا وتضحيات بورسعيد كانت من عوامل هزيمة الاستعمار».
انتهى النص الذى نقلته من شهادة الرئيس عبد الناصر بدور بورسعيد فى حماية مصر وشعوب العالم المقاوم للاستعمار، وخلاصة ما جاء فى موسوعة تاريخ بورسعيد عن حرب 56 أنه لا الإغراء بالأموال ولا بقطع الغذاء ولا بقايا من مخزون كان من بقايا التصدير فى مخازن الميناء وقطع النور والمياه ولا حصارها بالحرائق برا وبحرا وجوا ولا جثث الشهداء التى ملأت شوارع المدينة ولا حرق أحياء بأكملها ولا منشورات القوات المعتدية التى كانت تمطر على البورسعيدية تهددهم بهدم المدينة كلها عليهم إن لم يتسلموا.. لا شىء استطاع أن يهزم وطنيتهم ومقاومتهم والدماء الحارة فى عروقهم.. ومن المؤكد أن الأكاذيب والتطاول والمعلومات المقلوبة عن المدينة وأبنائها لن تستطيع.. ولمصر كلها لا لبورسعيد وحدها أدعو الأمناء والمحترمين فى الإعلام وغير الإعلام أن يدعو لإنهاء الآثار السلبية التى رتبت لتحققها الجريمة الخسيسة مثل كل من شاركوا فيها.
كلما كتبت عن بورسعيد يتردد فى روحى صوت من أجمل من شدى بالغناء الوطنى.. شادية.. أمانة عليك أمانة بوس لى كل إيد.. حاربت فى بورسعيد… وأضيف إليها: بوسلى كل إيد وكل راس وكل اسم حارب ويحارب الآن لحماية الثورة وحماية الزرع الذى زرعه جميع الشهداء، شهداء بورسعيد و25 يناير و73 و67 وحرب الاستنزاف، فالأصل كله والعرق والدم والشرف مصرى.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]