بالصور.. الأقباط يودعون شهداءهم بالبكاء والورود.. والأهالى يلقون نظرة الوداع الأخيرة على جثامين أبنائهم.. والكنائس تكتسى باللون الأسود
اليوم السابع
بملابس الحداد السوداء وصليب خشبى اكتسى بالورود وصراخ وعويل يقطعهما الزغاريد والتصفيق أحيانا والهتاف والدعاء أحيانا أخرى، وجثامين تدخل وكهنة تخرج وزحام وعزاء وبخور، شيعت مطرانية الجيزة 4 شهداء من ضحايا الأحداث الطائفية التى وقعت بإمبابة فجر اليوم الأحد.
فى الثانية ظهرا دخلت أولى جثامين الضحايا إلى كنيسة مطرانية الجيزة بشارع مراد والتى وضعت الشرطة والقوات المسلحة حولها الحواجز الحديدية والمتاريس تجنبا لتجدد الاشتباكات بين المسلمين والأقباط.
بدأت المراسم بترديد الترانيم الجنائزية التى رددها شمامسة الكنيسة وقالوا "لا تخف لأنى معك فإنى ممسك بيديك إلى الأبد"، واستمرت الترانيم "يا أم الشهداء جميلة.. أم الشرفاء نبيلة.. يا أمى حبك أحيانى آلامك بذرة إيمانى".
بعدها بأقل من ساعة حضر جثمان الشهيد "مدحت مجدى فرغلى"، وحمله الشباب من مدخل الكنيسة إلى داخل القاعة فى صندوقه الخشبى وهتفوا بالروح بالدم نفديك يا صليب و"يارب" وكانت إحدى قريباته تخبط على رأسها بطريقة هستيرية وتصرخ "السلفيين قتلونا قتلونا"، وفى الوقت الذى التف فيه حولها عدد من السيدات لتهدئتها، تبرعن الأخريات بالتصفيق والزغاريد التى امتزجت بالدموع والدعاء .
جثمان الشهيد الثانى، لحقه جثمان "أبانوب عياد"، التفاصيل ترويها أخته التى راحت هى الأخرى فى نوبة بكاء "المسيح بيقولنا حبوا أعداءكم نحبهم إزاى والرصاصة فى راس أبانوب، المسيح بيقول من ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر لحد أمتا هنعمل كده؟".
فى الخامسة مساء دخل الشباب القبطى يحملون جثمان ثالث الضحايا بعد أن قطعوا شارع مراد وعطلوا المرور به تماما، فأغلق الجيش الطريق جيئة وذهابا، وعادوا للهتاف "بالروح بالدم نفديك يا صليب"، ودخل معهم الأنبا ثيئودسيوس أسقف عام الجيزة، والمستشار نجيب جبرائيل محامى الكنيسة والتف الشباب حولهما وهتفوا "ارفع رأسك فوق أنت قبطى".
مع "جثمان الضحية الرابع رامى ميميان" يدخل الأنبا يؤانس سكرتير البابا شنودة ليقدم التعازى عن البابا ويرأس قداس الصلاة على أرواح الشهداء، مع دخوله تعود الزغاريد الممتزجة بالبكاء وتبدأ مراسم قداس الجنازة بقراءة الإنجيل على أرواح الشهداء والصلاة عليهم، ثم يتفقد أهالى الضحايا وجوههم فى نعوش الوداع الخشبية التى تراصت جميعا فى مشهد قاس وكأنها تكتب شهادتها للتاريخ عن وفاة الثورة وليس وفاتها.
تنتهى الصلوات ويلقى الأنبا يؤانس عظة بليغة تليق بالمشهد وبالحالة فينعى بحزن الثورة البيضاء، ويؤكد أنها تحولت إلى ثورة سوداء ولكن إيماننا بالله أقوى والمسيح علمنا التسامح، وقال لنا "كونوا متسامحين ولكن ربنا مش ممكن ينسى أبداً"، ويقاطعه الشباب بالتصفيق والهتاف ويكمل "الليلة هى عيد الشهيد العظيم مارى مرقص الذى سالت دماؤه فى الإسكندرية فى مثل هذا اليوم ليؤسس كنيسة الإسكندرية الأم، أعظم الكنائس الأرثوذوكسية فى العالم، وتعود المقاطعة "بالروح والدم نفديك يا صليب"، ويطلب الأنبا يؤانس ألا يقاطعه أحد فيشير الكبار للشباب بالصمت.
ويعود سكرتير البابا ليوجه رسالته إلى السيدة العذراء، وقبل أن يكمل يقاطعوه مرة ثالثة فيقول "بس يا بنى أنت وهو"، ويكمل"يا أم النور ظهرتى لنا فى الوراق من سنة ونص فى صورة جميلة تشير إلى السلام ولتقولى لنا إن أياما صعبة فى انتظار الكنيسة، سفكت دماء الشهداء فى نجع حمادى وكنيسة القديسين وكنيسة إمبابة ونطلب شفاعتك يا أم النور لأجل مصر".
يختتم سكرتير البابا مراسم العزاء، ويخرج الشباب من كنيستهم فى مسيرة حاشدة إلى ماسبيرو بعد أن قرروا الاعتصام به احتجاجا على الأحداث الأخيرة.