حذر من الانقلاب العسكرى..
المهدى يدعو لأجندة وطنية عربية مشتركة
اليوم السابع
قال الإمام الصادق المهدى رئيس وزراء السودان الأسبق، ورئيس المنتدى العالمى للوسطية، إن العالم العربى بصدد مرحلة تاريخية جديدة ويمر بموقف مشترك ومتشابه بعد اندلاع الثورتين التونسية والمصرية، مؤكدا على ضرورة تشخيص الحالة التى تعيشها البلدان العربية ثم البحث عن الدواء، موضحا أنه يتمنى أن تسود تلك الحالة الثورية على الأنظمة الفاسدة فى كل البلدان العربية.
وأضاف المهدى خلال المؤتمر الذى عقده المنتدى بعنوان "النهضة على ضوء التحولات السياسية فى مصر والعالم العربى..مصر وتونس نموذجا"، أن الأمة العربية بصدد استقلال تام، مشيرا إلى أنه بعد إنهاء الاحتلال الأجنبى حدث فى البلدان العربية احتلالا داخليا فرض إرادة بعض الأفراد على إرادة الشعوب وغيب حقوق المواطنين، مضيفا أنه يجب أن يساهم الجميع بجهود كبيرة لإنهاء هذا الاحتلال.
وذكر المهدى أن حقوق الإنسان كلها من حرية وعدالة ومساواة وكرامة سلام مستمدة من دساتيرنا الإسلامية، مشيرا إلى أن النظام السياسى يقوم على ركائز أساسية منها، المشاركة والشفافية والمسائلة وسيادة حكم القانون، وأضاف أن العرب ساروا وتركوا بضاعتهم عند غيرهم حتى صار يقال أن العرب فى حالة استثنائية وأن الاستبداد فيروس عربى.
وأشار الإمام الصادق إلى التشابه بين ثورتى تونس ومصر، بأن هناك ظاهرة مهمة ظهرت بعد الثورات العربية، بأن الإدارة صارت فى أيدى أشخاص، إما محايدون أو من الحرس القديم، وذلك يخلق بعض المفارقات منها، التعامل مع سدنة النظام المباد، وبين الثورية والدستورية فى التعامل مع الأحداث.
ولفت المهدى إلى أنه أصبح هناك رأيان ما بين الأغلبية الشعبية ورأى التطلع الثورى، إلا أن المدهش فى تلك الثورات أنها فى الغالب فشلت وعادت السلطة للحرس القديم مما يؤدى إلى نكسات، أولها "الردة" لأن الحرس القديم وسدنة النظام البائد موجودون، ولأن الثورة تمت بصورة تلقائية، ولأن الذين يديرون البلاد ليسوا ممن نصفهم بالثوريين، أو الخوف من الفوضى حيث أطلقت الثورة حالة من الانفجار المطلبى بسبب المعاناة والكبت الذى عانته الشعوب سنين طويلة، ثم أن هناك حالات اختطاف تستغل وجود الفوضى.
وأوضح أن هناك حربا باردة مخيمة على المنطقة من فصائل مختلفة "أمريكية وإسرائيلية وغيرها" ولكن الوجود البشرى المليونى رادع ودرع بشرى مع الإعلام الفضائى الذى يعد كاشفا للمظالم ويجرد الطغاة من أسلحتهم، بالإضافة إلى اللجوء للقانون الدولى الإنسانى، مضيفا أنه كان يمكن التخطيط والاتفاق على أجندة وطنية قبل القيام بالثورات.
واقترح المهدى لنهضة البلاد العربية واكتمال نجاح الثورات العربية أن يتم الاتفاق على أجندة وطنية وهدف عام بين الدول العربية وتوضع لها خريطة بناء بمعالم ومحددات معينة أهمها، برنامج محدد للتعامل مع سدنة وآثار النظام المباد وغياب هذا البرنامج يعد غفلة كبيرة من المجالس التى تدير البلاد فى تونس ومصر، واتخاذ آليات لوقف الفساد وفق مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لاستئصال الفساد، ثم تكوين هيئة لمعرفة حقائق ما حدث فى الماضى.
وقال إن بناء الدولة الديمقراطية يتم بالاتفاق على الملف الإسلامى الذى يجب أن يقوم على ضرورة أن يكون التطبيق أو التطلع الإسلامى مدرك لتطورات لعصر الذى نعيشه واحترام الرأى الآخر، وضرورة تجنب ارتباط المشروع الإسلامى بالانقلاب العسكرى أى استخدام نظرية "اختصار الطريق" والذى وصفه بأنه "كسر رقبة"، ضاربا المثل بما حدث فى السودان وانفصال الجنوب عن الشمال، مضيفا أن تدخل العسكرية فى السياسة خطأ كبير، ولذلك فمن الضرورى تجنب الانقلابات العسكرية والتفكير فى برنامج إسلامى واضح يكون معتبرا ومستوعبا لقضية المواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية والملف الليبرالى واحترام الرأى الآخر، والعلاقات الخارجية التى يجب أن تقوم على الإسلام، وتجاوز الخلافات بين المسلمين بوضع أساس يجمع أهل القبلة حتى لا يكون الخلاف بين المسلمين هو سبب الانقسام.
وأكد المهدى على أن الوضع فى السودان أخطر بكثير من باقى الدول العربية بسبب الانفصال الذى قد يؤدى إلى صراعات ومواجهة بين الشمال والجنوب ثم أزمة دارفور ومسألة امن رئيس الدولة الملاحق دوليا، مطالبا مصر وكافة الدول العربية بالاتفاق على الأجندة الوطنية لتحقيق السلام والتدخل لحل أزمة السودان، مؤكدا أن ذلك سيلعب دورا هاما فى تحديد مستقبل الديمقراطية فى الوطن العربى بدعم الثورات وتحقيق البرنامج المشترك.