أوكامبو: 3 أسباب تمنع (الجنائية الدولية) من محاكمة مبارك
الشروق
استبعد المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، لويز مورينو أوكامبو، أن تتمكن المحكمة الدولية من محاكمة مبارك ونظامه، مرجعا ذلك لعدة أسباب، أولها أن نظام المحكمة غير فعال إلا للدول الأعضاء، ومصر ليست عضوا حتى الآن.
وقال أوكامبو، فى تصريحات خاصة لـ«الشروق» على هامش زيارته لمصر، إن صلاحية المحكمة الدولية للعمل فى أى دولة تبدأ مع قبول الدولة لاتفاقية روما، وهو «موقف تقرره الدولة ذات السيادة حول التعامل مع المستقبل وليس مع الماضى، لأن المحكمة لا تطبق قوانينها بأثر رجعى إلا فى حال مطالبة الدولة بذلك».
وأوضح أوكامبو أنه يستبعد ان تطلب مصر من المحكمة تطبيق أحكامها بأثر رجعى، لافتا إلى أن أى جرائم قد تكون ارتكبت من قبل النظام المصرى السابق يمكن التعامل معها «من خلال القضاء المصرى القوى والفاعل». «إن مصر لديها تاريخ قانونى وقضائى طويل»، حسب قوله.
وقال أوكامبو إن مصر وتونس أبلغتاه أنهما تنظران فى الانضمام لاتفاقية روما بما يجعلهما عضوين فاعلين فى نظام المحكمة الدولية، الذى يتيح مقاضاة رؤساء الدول عن الجرائم التى يرتكبونها بحقوق شعوبهم، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تتمكن القاهرة وتونس من مراجعة بعض التفاصيل القانونية.
وكان أوكامبو قد زار القاهرة يومى الأربعاء والخميس الماضيين، والتقى وزير الخارجية نبيل العربى، ووزير العدل عبدالعزيز الجندى، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وعدد من النشطاء القانونيين وممثلى المجتمع المدنى المصرى.
وقال أوكامبو إن لقاءه مع وزير العدل الجندى تطرق لإمكانية قيام المحكمة الجنائية الدولية بتوفير تدريب لكوادر قضائية مصرية.
وأضاف المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية ان لقاءاته مع الناشطين القانونيين المصريين والمجتمع المدنى المصرى لا تهدف إلى جمع معلومات عن الجرائم التى ارتكبها النظام المصرى السابق بحق المتظاهرين والناشطين السياسيين ولكن تهدف للاستماع لما يودون ان يقولوه بشأن هذا الأمر وان يطرح لهم الرأى القانونى فى موقف المحكمة الجنائية الدولية إزاء مثل هذه القضايا.
وبالرغم من ان عمل المحكمة الجنائية الدولية يرتبط بالأساس بطلب من مجلس الأمن الدولى للمحكمة بتحريك النظر فى قضية ما، كما الحال مع الوضع بالنسبة لدارفور أو ليبيا بالنسبة للدول غير الاعضاء فى المحكمة، فإن «الأفراد والمواطنين أيضا من حقهم أن يلجأوا للمحكمة بقضايا بعينها فى حال ما كانت الدولة عضوا بالمحكمة، وهناك سوابق لتدخل المحكمة بناء على مطالب المواطنين والأفراد».
وفى حال انضمام مصر وتونس إلى اتفاقية روما فإن عدد الدول العربية المنضمة للمحكمة الجنائية الدولية سيزداد إلى خمس دول، حيث سبق وانضم الأردن وجيبوتى وجزر القمر إلى الاتفاقية.
«إن الأوضاع فى العالم العربى تتغير وربما قريبا سنشهد انضمام المزيد من الدول إلى المحكمة الجنائية الدولية»، حسبما قال أوكامبو لـ«الشروق»، مضيفا: «لا يوجد سبب لئلا نعتقد أن المزيد من الشعوب العربية ستنضم للمحكمة».
وبحسب أوكامبو فإن نظام عمل المحكمة الجنائية الدولية القائم على «حماية الناس ضد الظلم والطغيان يتلاءم تماما مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، التى تعد واحدة من أوائل النظم القانونية، التى أرست أسباب الحماية للمواطنين والضعفاء والأبرياء».
وفى هذا الصدد أشار أوكامبو إلى انه بدأ بالفعل «فى الثالث من شهر مارس الجارى» فى إجراء تحقيقات حول الجرائم الواقعة بحق الشعب الليبى من قبل نظام معمر القذافى خلال النصف الثانى من شهر فبراير الماضى.
وأوضح أوكامبو «إن الوضع فى ليبيا ينقسم إلى قسمين، الأول من منتصف فبراير وحتى نهاية فبراير وفى هذه الأيام فإن الوضع واضح جدا، حيث إننا نتحدث عن قمع واسع باستخدام العنف ضد المتظاهرين العزل من قبل النظام، وهناك بالفعل دلائل تشير إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية ارتكبها النظام الليبى ضد المواطنين». أما المرحلة الثانية وهى من بداية مارس وحتى اليوم، فكما يضيف أوكامبو، «فهذه مرحلة مختلفة لأننا نتحدث عن صراع مسلح» بين الثوار وبين النظام».
أوكامبو توقع ان يقدم تقريره لغرفة قضاة المحكمة الجنائية الدولية خلال اسابيع قليلة، متوقعا أن يحتاج القضاة لأسابيع قليلة أيضا لدراسة الملف ثم إصدار أمر بتوقيف العقيد معمر القذافى، الذى يبدو أوكامبو مقتنعا من خلال الأدلة، التى بدأت تتجمع لديه بأنه سيدان بارتكاب جرائم حرب فى حال محاكمته.
ولم يستبعد أوكامبو امكانية تسليم القذافى، وغيره من أعضاء النظام وأسرة القذافى، فى حال إصدار أوامر بتوقيفهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا أن هناك إرادة دولية جماعية لمعاقبة النظام الليبى عن الجرائم التى ارتكبها بحق الشعب الليبى، مشيرا إلى أن التصويت على قرار مجلس الأمن بإحالة الملف الليبى إلى المحكمة الجنائية الدولية جاء بإجماع الأعضاء الخمسة عشر للمجلس، على عكس الحالة مثلا بالنسبة للاتهامات الموجهة ضد الرئيس السودانى عمر البشير حول الجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبها نظامه فى إقليم دارفور، غرب السودان، والتى لم يكن فيها اجماع حيث امتنعت الصين والجزائر والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، «كل لأسبابه».
ومع ذلك، يقول المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، إنه لا يعتقد بأن الرئيس السودانى عمر البشير سيفلت «لأنه مع الوقت ومع التطورات» سواء نحو المزيد من الديمقراطية أو نحو الاستخدام الأفضل لوسائل الاتصالات فإنه «سيأتى يوم» يمثل فيه البشير أمام المحكمة» لمواجهة التهم الموجهة ضده بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى دارفور.
وحول الاتهامات الموجهة له بإهمال جرائم الحكومة الإسرائيلية فى قطاع غزة، قال أوكامبو أن عمله فى هذا الأمر يتطلب ان تتوصل المحكمة الجنائية الدولية لقرار قانونى حول الاعتراف بحق السلطة الفلسطينية فى أن تتقدم إلى المحكمة، كما لو كانت دولة بأنها تقبل باتفاقية روما، مشيرا إلى مناقشات وحوارات جرت عبر العامين الماضيين بين المحكمة الجنائية الدولية من جهة وبين السلطة الفلسطينية والجامعة العربية من جهة أخرى «لكن الأمر ما زال يحتاج لبعض الوقت للتأكد من كل التفاصيل القانونية».
ويرفض أوكامبو الاتهام بانه يتباطأ فى الحركة إكراما لإسرائيل واستجابة لضغوط دول غربية عديدة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد ان ترى إسرائيل تعاقب على جرائم حرب ثابتة ضدها ويقول «هذا غير حقيقى».
ويرفض أوكامبو القول إن التباطؤ فى التعامل مع الجرائم الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة مقابل الحسم فى التعامل مع ملفى دارفور وليبيا تفقده والمحكمة الجنائية الدولية القبول فى الأوساط الشعبية فى العالم العربى، ويصر ان المحكمة الجنائية الدولية تتمتع بالقبول فى دارفور حيث يشعر المواطنون إنها تسعى لإنصافهم وتحقيق العدالة لهم، وأنها سيكون لها نفس القبول فى ليبيا. «المهم أن يكون القبول فى أوساط الضعفاء، الذين يحتاجون من يناصرهم وليس فى أوساط الطغى الحاكمة».