الأم في عتاب: ألم أقل لكِ يا مريم، ألا تتركي غرفتك بهذا المظهر المقزز!!
مريم في لامبالاة: لقد نسيت أن أرتب الغرفة، سأرتبها لاحقًا.
الأم وقد تمالكت نفسها أمام ابنتها اللامبالية: أتظنين أن الفتاة الجميلة الأنيقة، هي صاحبة الغرفة المبعثرة، إذا ظننت ذلك فأنتِ مخطئة.
مريم وقد بدأت تهتم بحديث الأم: لا يُعقل أن يكون عدم ترتيب الغرفة، هو من سيجعلني فتاة قبيحة، فهذا شيء ثانوي، فالمهم أن أعتني ببشرتي، وأن أحرص على رشاقتي، أما تنظيف الغرفة وغير ذلك من الأمور الغير مؤثرة في الجمال.
الأم ناصحة: أريدكِ أن أسألكِ سؤال، إذا كنتِ في زيارة لإحدى صديقاتك في بيتها، ثم ما إن رأيتها إلا ووجدت شعرها غير مهذب، ورائحتها كريهة، ثم إذا دخلتِ غرفتها، وجدتِ الأحذية مبعثرة، والمكان تظهر فيه بعض الحشرات لأنه غير نظيف، فماذا أيتها الحبيبة سيكون شعوركِ وقد رأيتِ كل هذا في بيت صديقتك؟ وأريدكِ أن تجاوبي علي بصدق.
مريم في صدق: صراحة، سأكون غير مرتاحة، وغير سعيدة.
الأم: أحسنتِ، فهكذا تخيلي نفسكِ مكان صديقتكِ هذه، أيحب أحد من صديقاتكِ أن يراك على تلك الحالة؟؟
مريم: لا، فأنا أحرص على أن أظهر بمظهر جيد أمام الآخرين.
الأم في حنان: إذًَا، يا مريم، يجب أن تعلمي أن الفتاة الجميلة، هي التي تحرص على الجمال في كل شيء، فتعتني بجسدها، وتحرص على النظافة في كل شيء.
مريم في امتنان: الآن، لقد عرفت ما تقصدينه يا أماه، الحمد لله الذي رزقني أم حريصة على مصلحتي.
ثم قامت مريم بتقبيل يد أمها، ثم وضعت الأم يدها على ابنتها واحتضنتها.
النظافة عنوان الفتاة الجميلة:
لا يختلف اثنان على أن النظافة من الأمور الهامة في حياة الإنسان، فنحن نهرب من الشخص، كريه الرائحة غير المهتم بنظافته، وديننا العظيم الإسلام حث ودعا إلى الاهتمام بهذا الأمر، فالله سبحانه جميل يحب الجمال فقال سبحانهَ يقول: {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِيسَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26].
والمصطفى صلى الله عليه وسلم ربى أتباعه على أن يكونوا قدوة للناس في هيئتهم وزينتهم ولباسهم، وتصرفاتهم، وأعمالهم، ليكونوا مثالًا حسنة في جمال الظاهر والباطن لكل من يراهم أو يتعامل معهم، (وإذا كان الإسلام قد حضَّ الناس عامة على ذلك؛ فالمرأة أولى بامتثال هذا الأمر لأن النظافة من ألزم وأخص صفات المرأة المسلمة، والذي ينعكس بشكل مباشر على حياتها الزوجية وبيتها وأولادها فيما بعد؛ لذلك فهي حقيقةٌ بأن تكون شامة بارزة ظاهرة متميزة في شكلها ومظهرها وهيئتها، وسبيل متمثلة للقدوة العملية في شخص أمها أو من تقوم على تربيتها). [دور الوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة، حنان عطية الطوري، ص(120)].
وقد حث القرآن والسنة كثيرًا على النظافة:
أولًا: القرآن:
فانظري مثلًا أختي الحبيبة، كيف أن الله تبارك حرص على عدم ممارسة الزوجين العلاقة الحميمية أثناء فترة حيض المرأة، تجنبًا للأذى الذي يمكن أن يضرهما فقال تعالى، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
وقد مدح الله تبارك وتعالى الذين يحبون أن يتطهروا ويحرصوا على النظافة، فقال عز من قائل{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
ثانيًا: الأحاديث النبوية:
قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى جميل يحب الجمال) [رواه مسلم]، فالله عز وجل يحب المسلمة التي تحرص على الجمال في كل شيء، في مظهرها وجسدها والمكان الذي تجلس فيه.
وحتى الشعر أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نهتم به وبنظافته، فقال صلى الله عليه وسلم: (من كان له شعر فليكرمه) [حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (4163)].
(فمما لاشك فيه أن ديننا الحنيف يأمرنا بالنظافة، لأن النظافة من الإيمان لذا ينبغي على الطفلة عندما تبدأ في الاعتماد على نفسها أن تنصحها أمها بالاهتمام كثيرًا بالنظافة العامة، وذلك بطريقة يومية مما يجعلها تعتاد على النظافة في كل شيء من الشعر إلى أخمص القدمين.
وكما قيل: "الطهور شطر الإيمان" وهذا يعني أن الطهور نصف الإيمان) [أنتِ وبناتك المراهقات، أميمة بنت محمد نور الجوهري، ص(190)].
عزيزتي الفتاة، عليكِ أن تعلمي أيضًا أن البنت التي لا تحرص على نظافتها، لا تكون زوجة ناجحة، فالزوج يبحث دائمًا عن الزوجة التي ترعاه في غيابه، فترتب البيت وتنظفه باستمرار، وتكون حريصة على الظهور بمنظر جمالي أمامه، حتى إذا نظر إليه سرَّته.