أفلام الكارتون مسؤولة عن تشويه شخصية أطفالنا ولا يوجد إنتاج إسلامي
تشكل أفلام الكارتون خطرا على شخصية الأطفال بما تزرعه من قيم غربية، تشوه شخصية هؤلاء الأطفال بالدنيا وتترك نفس الأثر على سلوكهم وأفعالهم.
حول تأثيرات هذه الأفلام التي تحمل قيم مستوردة من الخارج وغياب أفلاك كارتونية تحمل الصبغة الإسلامية كان لنا هذا الحوار مع الخبير التربوي خالد كمال والذي تطرقنا فيه لقضايا التأثير السلبي لمثل هذه الأفلام على الأطفال، فإلى نص الحوار.
* في البداية، هل لأفلام الكارتون الأجنبية تأثيرا سلبيا على شخصية أطفالنا، وما هو أبرز التأثيرات السلبية من وجهة نظرك؟
** تتنوع الآثار السلبية لأفلام الكرتون على الأطفال ويمكن تقسيمها كالتالي:
الآثار السلبية على السلوك:
يميل الأطفال إلى العدوانية الشديدة تقليداً لما يراه، فالطفل يعتبر أن ضرب الآخرين والاعتداء عليهم أمر مقبول وعادى؛ لأن أغلب أفلام الكارتون تنشر ظاهرة الانتقام وتجعل الأطفال يتعاطفون مع البطل وهو يمارس هذا الدور عندما ينتصر على الآخرين ويضربهم، وهذا أمر خطير يلغى من قيم الطفل التي تتسم بالهدوء والتسامح. وهناك قصة شهيرة عن طفل فرنسى عمره خمس سنوات قتل جاره بمسدس أبيه وعندما سئل من علمه هذا؟ قال: إنه تعلمه من أفلام الكارتون!.
أيضاً تعلم الأطفال البلادة والكسل الشديد، فالطفل يجلس الساعات الطوال أمام هذه الأفلام دون أن يتحرك خوفاً من أن تضيع لقطة مهمة، مما يعلمه الخمول والكسل والبطء في الاستجابة للمثيرات المحيطة به.
الانطواء الشديد: تتسبب هذه الأفلام في بقاء الطفل جالساً لفترات طويلة في المنزل؛ مما يفقد الطفل كثيرا من المهارات الاجتماعية، مثل: القدرة على فتح حوار، أو السلوك القيادي، أو توكيد الذات وغيرها من المهارات التي لا يستطيع الطفل أن يكتسبها إلا بتفاعله مع الآخرين، مثل أن يخرج للعب مع الأطفال أو حتى زيارة أقاربه.
الآثار السلبية على الصحة:
إن جلوس الطفل لوقت طويل أمام الأفلام دون تناوله لأى طعام مما يؤدي إلى سوء التغذية والأنيميا، وبالتالي يجعله عرضة للإصابة بكثير من الأمراض بسبب ضعف المناعة.
وأحياناً تجده يمضى الساعات وبجانبه طبق من البطاطس المجففة (الشيبسي) والمشروبات الغازية والمعلبة والحلويات، التي تتحول سلبا على صحته فتؤدي إلى سوء التغذية والبدانة وما إليها مما يحدث نتيجة تلك العادة.
- كما التعرض لأشعة التليفزيون بتركيز ولفترة طويلة يؤدى للإضرار بقوة الإبصار عند الطفل.
-
* هل لها أثر على الهوية و الدين الإسلامي؟
** إن الإنسان يكتمل بناء شخصيته النفسية والعاطفية في السنوات الثلاث الأولى من عمره، وما بعدها استكمال لباقي الصفات والخلال، وتترسب تلقائياً الصورة المترسبة في أعماقه عن سائر جوانب شخصيته، وينتهى تماماً تشكل الشخصية عند السابعة من العمر، وبعد ذلك يصعب تغيير أي خصلة في الشخصية، وهذا يبرز خطورة تلك الأفلام المنتجة من دول تختلف تماما عن قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، بل و تنشر القيم الغربية التي لا تناسبنا، كالتحرر من الوالدين وحقهم في التوجيه والتربية، بل وتهون من شأن القيم الإسلامية التربوية. والمسلسلات تقدم مبادئ وأساليب الجريمة التي تهون من قيمة الإنسان، حيث يظهر الإنسان فيها أشبه بالجرذان الضالة وأدني من الحشرات فيهون قتلها.
- كما أن مشاهدتها توقع أكبر الضرر بعقيدة الطفل الإسلامية؛ فلأنها منتجة في الغرب لن تجد مسجدا أو طفلا يصلى أو أذان يرفع أو رمضان يصام!
بل أكثر من ذلك إنها تكرس الكفر الصريح بالله عز وجل، ففي أحد المسلسلات ويسمى (سمبا) وهو الأسد تجد الحيوانات تسجد له وهي سعيدة بذلك!، والخنزير في هذا المسلسل كائن طيب وحبوب! وتندهش أن من قال لي هذا هم أبنائي الذين اعترضوا على هذا الجزء من "الكارتون"، وهو ما جعلني أتعرف على خطورة هذه الأفلام.
* ألا ترى معي أن منع الأطفال من مشاهدة هذه الأفلام مهمة واجبة، وما المخاطر التي يتعرضون لها من جراء مشاهداتها؟
** إن الطفل سهل الإيحاء كما يقال في علم النفس، وهو يقلد مايراه بدقة وإخلاص بخاصة إذا أعجب بمن يقلده، وهناك ظاهرة رأيتها بنفسي حيث يفضل بعض التلاميذ الغياب من المدرسة الابتدائية ورفضوا تماما الذهاب إليها، وعندما عرضت على المشكلة لحلها وبعد بحث بسيط اكتشفت أنهم يشاهدون مثل هذه الأفلام الكارتونية، وكان يشاهد هؤلاء الأطفال مسلسل (توم سوير) الذي يقوي في ذهن الطفل بعض القيم و الأفكار الخاطئة، و لعل أخطرها أن (هاك) البطل الثاني يقوي في نفس البطل الأول(توم) كره المدرسة! و يحبب إليه فكرة الهروب منها.
و لذلك يبتدع بعض المواقف السيئة مع المدرسين فيها و القائمين عليها، والأخطر من ذلك أنه يحرص على الهروب من المنزل و اللجوء إلى الغابة.
- ولذلك أشرت على آبائهم منع هؤلاء الأطفال من مشاهدة أفلام الكارتون نهائيا. وقد لاحظت اندهاشا لدى أولياء الأمور وحتى عند المعلمين من هذا التأثير الخطير الذي لم يتوقعوه لهذه الأفلام.
* ما الآثار السلبية التي تلحظها على شخصية الأطفال وهي نتاج طبيعي لأفلام الكارتون؟
** تؤدي مشاهدة الأطفال برامج التلفزيون بإفراط ودون ضوابط إلى تأثيرات سلبية عليهم، تتمثل بالعجز عن ضبط النفس، واللجوء إلى العنف بدل التفاوض، والافتقار إلى الأمان، والشعور الدائم بالخوف والقلق، وترسيخ صور نمطية في عقل الطفل حول المرأة والرجل والمسن والطفل وأصحاب المهن والمسؤولين ورجال الأمن، بل والأشياء والجمادات وغيرهم، إضافة إلى قتل روح الإنتاج والإبداع لدى الأطفال.
كما تجعله يعيش فى الخيال أحيانا، ويتحدث الى الأشجار والصخور والآلات.
تفتح عين الطفل على العلاقات ال*****ية بين الذكر والأنثى! ويتجلى ذلك واضحا في كثير من حلقات توم وجيري.
في إحصاء عن الأفلام التي تعرض على الأطفال عالمياً وجد أنه 29.6% منها يتناول موضوعات *****ية بطريقة مباشرة و غير مباشرة.
27.4% منها يعالج الجريمة و العنف و المعارك و القتال الضاري.
15.00% منها يدور حول الحب بمعناه الشهواني العصري.
* لماذا لا يكون هناك أفلام كارتونية إسلامية يمكن جذب الأطفال إليها؟
** كما علمت أن إنتاج هذه الأفلام مكلف للغاية، ولا يأتي بالعائد المناسب اقتصادياً، لذا ينصرف عنه أغلب المنتجين والمتخصصين؛ لأنهم في الغالب يبحثون عن الربح السريع، وهنا يأتى دور الحكومات من خلال شركات الإنتاج التابعة لها، وقد تجلى ذلك واضحا في المسلسل المصري الرائع(بكار) الذى لا يذاع إلا في رمضان للأسف، وهناك تجربة رائعة لعمل أفلام كارتونية لها صبغة إسلامية ويحوى شخصيات بطولية إسلامية مثل: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وذلك في كلية الفنون الجميلة جامعة الأسكندرية في مصر، أرجو أن تجد الرعاية من المنتجين.
* ما عوامل الجذب الرئيسة للأطفال في أفلام الكارتون، وهل يمكن الاستفادة من هذه الأفلام دون الوقوع في شراكها بحيث لا تؤدي إلى مسخ شخصية أطفالنا؟
** إن من يضع سيناريو هذه الأفلام يفهم تماما شخصية الطفل، و ما يريده من إبهار وحركة أو أكشن وألوان جذابة. ولا شك أنها تقدم بعض القيم الإيجابية مثل مساعدة الصديق والبطولة ولكن في مجملها تحتوى قيم غربية لا تتناسب مع مجتمعاتنا.
* ما البرامج التي تراها بديلة للأطفال ولو بشكل مؤقت عن أفلام الكارتون؟ لحين إنتاج أعمال كارتونية تكون على المستوى؟
- من واقع ملاحطتى لسلوك الأطفال أرى أن إنتاج أفلام ومسلسلات عادية يلعب بطولتها أطفال مع الاهتمام بحبكتها الدرامية المتناسبة مع الأطفال (مثل الفيلم الأمريكي وحدي في البيت) فإن هذا سيؤدى إلى انصراف الأطفال جزئياً عن أفلام الكارتون.
* ما هو السم الذي تدسه هذه الأفلام الكارتونية وتؤثر به على الشخصية العربية والإسلامية؟
** إنها تكرس قيم غربية تدعو إلى الفردية والسيطرة والعنصرية، وتمجيد الرجل الأبيض والبعد عن التدين والفتك بالآخر! وعدم طلب المعونة من الله تعالى ففي مسلسل (مدينة النخيل) يضرب الابن والده ثم يهجر المنزل لينام عند صديقته أو صديقه (على الطريقة الأمريكية) ثم يعرض ذلك على أنه سلوك اجتماعي مقبول! و الأشد من ذلك أن الوالد يسترضي ابنه في نهاية الحلقة، و يقدم له ما يريد و يرضخ لمطالبه.
وهذا متعمد لأن الغرب تعب من هدم قيم المجتمع الإسلامي وتغييرها، وقد تجلى ذلك واضحاً في تركيا التي حاول لغرب خلال خمسين سنة أن يغير قيمها، ولكن ها هي تتمسك بالقيم الإسلامية؛ فركز على الأطفال. فكما نعلم التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر.
* كيف يمكن مواجهة ومجابهة مثل هذه الأفلام التي يقبل عليها الأطفال؟
** يمكن مواجهة هذه الأفلام من خلال عدة طرق أهمها
- شغل وقت الطفل بالفسح والزيارات الاجتماعية، وإتاحة الفرصة له للعب مع رفاقه كلما أمكن.
- بحضور الوالدين معه عند مشاهدة هذه الأفلام.
- بتحديد ساعات المشاهدة ة والتي لا يجب أن تزيد عن ساعة واحدة يومياً لبرامج مختارة بعناية. ثم تحجب القنوات بعد ذلك.
- إعطاء الطفل مكافآت كلما قلل هو من مشاهدة هذه الأفلام.
* في النهاية، ما المخرج الحقيقي لتأثير الأفلام الكارتونية؟ وما النصيحة التي تحب توجيهها للأبوين؟
** إن الاهتمام بالتربية السليمة (فى ضوء تعاليم الدين الاسلامى وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ) في المراحل الباكرة من حياة الطفل يجعلنا نكون شخصاً سويأ متسقاً مع نفسه ودينه ومجتمعه، و يتمتع بالصحة النفسية مفيدا لنفسه ولمجتمعه. فلا يجب أن نترك أطفالنا في مهب الريح، وفي ظلمات الثقافات المستوردة ثم نغضب بعد ذلك؛ لأنهم انحرفوا أو تمردوا علينا.
إن أطفالنا نعمة من الله وأمانة في أيدينا نحن الذين نشكلهم فعلينا أن نحفظ تلك الأمانة .
خالد كمال