الضرس المطمور ... مشاكله وآلامه والحكمة من وجوده !!
كثيرة هي المشاكل التي يعانيها الإنسان من الأسنان على اختلاف مراحل عمره، إذ تشكل حركتها وطريقة ظهورها هاجساً لديه، فيلجأ إلى تجميلها ومداواتها بالطرق المناسبة؛ للقضاء على ما يعانيه من مشكلات، لكن تبقى مشاكل ضرس العقل خاصة المدفون أو المطمور هي أكثر مشاكل الأسنان إزعاجاً وألماً؛ حيث يتطلب التخلص منه بالتدخل الجراحي على أيدي أطباء متخصصين، ولعل السبب في حدة مشاكل ضرس العقل كونه يبزغ في عمر متأخر بين الثامنة عشر والخامسة والعشرين، ويؤدي بروزه إلى التهابات عادية إذا ما كان بزوغه طبيعياً بشكل طولي، وإذا ما كان بزوغه غير طبيعي فحدة الالتهابات التي يحدثها أكبر والانتهاء من مشاكله يعني ضرورة التدخل الجراحي لخلعه.
للوقوف أكثر على مشاكل ضرس العقل المطمور أو المدفون وما ينتجه من آلام تؤثر على صحة المريض، التقت "لها أون لاين" بطبيب جراحة الفم والأسنان بجمعية أصدقاء المريض بغزة د.عاطف أبو حطب.
- دكتور.. حدثنا قليلاً عن ضرس العقل عموماً، ولماذا سميّ بهذا الاسم؟
ضرس العقل هو الضرس الثالث الدائم، وهو يظهر لدى الإنسان ما بين سن الثامنة عشر والخامسة والعشرين، أي أنه يتزامن مع وصول الإنسان مرحلة الرشد، وقد يكون ذلك سبب تسميته بضرس العقل، إلا أنه ليس له علاقة أبداً بالعقل أو الرشد، وقد كان يظهر لدى الأجيال السابقة في العصور القديمة بشكل كبير، نتيجة اتساع الفكين مما يعطي مساحة لبروزه بينما في الوقت الحالي كثيراً ما يبقى الضرس مطموراً لا يبزغ لأسباب مختلفة، أهمها: تغير نوعية الأكل الذي يتناوله الإنسان إذ أضحى أكثر ليونة على خلاف ما كان في السابق من أكل نوعيات جامدة وغير مطبوخة من الطعام تعمل على تآكل الأسنان؛ نتيجة احتكاكها القوي ببعضها، وتسمح ببزوغ الضرس الثالث الدائم "ضرس العقل"، بالإضافة إلى العامل الوراثي بسبب التزاوج بين الأعراق المختلفة والذي أدى إلى تزايد تشوهات الأسنان والفكين، ومنها تزاحم الأسنان وخاصة أضراس العقل ومشاكل انطمارها.
- من واقع خبرتك، ما أبرز الأسباب لعدم ظهور ضرس العقل؟
قد يكون عدم بزوغ ضرس العقل ناتج عن اختفاء البرعم الخاص به منذ البداية، أو صغر حجم الفك لدى الإنسان، فلا يكون لضرس العقل متسع للنمو والظهور، وأحياناً كثيرة قد ينمو ضرس العقل بصورة عرضية أو مائلة لا تسمح له بالظهور في الفك، ويبقى مدفوناً في عظام الفك.
- برأيك ما أهم المشكلات التي يحدثها ضرس العقل المطمور؟
لا شك أن ضرس العقل إذا وجد مكانا مناسبا ينبت فيه؛ فإنه ينبت بشكل طبيعي، ولا يؤدي إلى آلام أو مشاكل في اللثة، خاصة إذا ما كان ظهوره طولياً. أما إذا كان ظهوره بشكل عرضي وله عدة نتوء أو أن الشُرش ظاهر بالعكس، أو في غير موقعه؛ فيكون غير طبيعي. وفي هذه الحالة يجب أن يجري عملية جراحية.
وأيضاً إذا كان الضرس لا يجد مكانه المناسب للظهور فيه، فيكون ضرس العقل مدفونا أو مغمورا في العظم؛ مما يسبب التهابات لحمية في آخر الطاحونة، وتعمل هذه الالتهابات على الشعور بالألم الشديد، بالإضافة إلى تقلص في عضلات الفكين وعدم القدرة على فتح الفم، ناهيك عن إحداث آلام في الأذن، خاصة وأن عصب الفك السفلي مربوط بعصب الأذن، ولذلك يسمونه الضرس المطمور؛ لأنه لا يستطيع الظهور بسهولة ويحدث مشاكل وآلام في محيط الأسنان واللثة والعصب، وأحياناً يُكون كيسا غشائيا حول الضرس يمتلئ بالسوائل، وهذا قد يتلف الأسنان أو عظام الفك وأعصابه.
- برأيك ما الأسباب التي تدعو الناس للتخوف من ظهور ضرس العقل؟
أولاً لأن موقعه بعيد في أقصى الفم، بالقرب من فتحة البلعوم، وهذا يجعل عمل طبيب الأسنان فيه صعبا، وكذلك لصعوبة تناول الأكل مع وجود الآلام التي يحدثها لدى الناس المصابين به، بالإضافة إلى أنه يتوجب خلعه بطريقة جراحية، وهناك فئة من الناس تجتهد في تحمل آلامه، إلا أن احتمالهم لا يطول ويعودوا للحل الجراحي للتخلص من آلامه نهائياً.
- ما وظائف ضرس العقل والحكمة الإلهية من وجوده برأيك؟
بدايةً أريد أن أشير إلى أن ضرس العقل يبدأ بالظهور بشكل طبيعي عند وصول الإنسان سن الثامنة عشر، وهو يفيد الإنسان في عملية المضغ إذا ما تقدم بالعمر وسقطت الطواحين لديه، فبإمكانه أن يركب عليه جسرا؛ فيستطيع أن يأكل على شيء ثابت في فمه، وهذه الفائدة ترتبط فقط إذا كان وجوده طبيعياً؛ أما إن لم يكن طبيعياً فمضاره أكثر من فوائده.
- ما العلاجات المناسبة للتخلص من آلام ضرس العقل؟
إذا كان ظهوره طبيعياً فتعالج الالتهابات الناتجة عن ظهوره بالمضادات الحيوية والمسكنات كالديكلوفين وغيرها. وكذلك الفلاجيل وهو مطهر للالتهابات اللاهوائية التي يحدثها حول الجيوب، بالإضافة إلى مضمضة للتعقيم، وإذا كان ظهوره غير طبيعي فإن العلاج يكون بالتدخل الجراحي.
- ما النصائح التي تقدمها للمحافظة على ضرس العقل أو خلعه؟
الحقيقة أن الأمر يختلف من مريض إلى آخر. فمن يعاني من بزوغ ضرس العقل المطمور أو المائل بشكل عرضي وليس في فكه متسع لبزوغه، يجب أن يقوم بخلعه في بداية ظهوره في سن العشرين، أو قبل ذلك للوقاية من تزاحم الأسنان والوقاية من مضاعفات الآلام التي يحدثها.
أيضاً ينصح بخلع أضراس العقل إذا كانت مصابة بالتسوس أو التهاب اللثة المزمن، وإذا كان المريض أيضاً يجد صعوبة في تنظيفها فيخلعها منعاً لتسوسها، أما إذا كانت ضروس العقل سليمة ولها فراغ كاف لبزوغها؛ فلا يجب خلعها، ولكن يتوجب فحصها بشكل دوري لدى الطبيب المختص. وكذلك إذا كانت أسنان المريض بحاجة إلى تقويم فيفضل عدم خلعها إلا بعد استشارة الطبيب.