واصل برنامج "واحد من الناس" إذاعة الجزء الثانى من حوار برلنتى عبد الحميد - زوجة المشير عبد الحكيم عامر – قبل رحيلها، إذ استكملت الحديث عن علاقة زوجها بالرئيس جمال عبد الناصر عقب هزيمة 1967، والأحداث التى صاحبت عملية اعتقاله، وما تردد عقب إعلان وفاته عن انتحاره، وتمسكت باتهامها لكل من مراكز القوى والاتحاد الاشتراكى بالتخطيط للتخلص من المشير، مضيفة أنهما السبب فى انقلاب عبد الناصر عليه، لأنه كان "ودنى".
وتابعت برلنتى حديثها عن الزيارة التى قام بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للمشير فى منزله بعد عودته إلى القاهرة، قائلة: "كانت الزيارة أمل للضباط فى حل المشاكل بين القائدين اللذين كانا يستحوذان على حبهم، واتفقا على اللقاء مرة ثانية قبل سفر الرئيس للسودان، فيما حرص المشير على توصيل الرئيس الذى كان يرتدى قميصا وبنطالاً إلى سيارته وهو يربت على كتفه".
ورفضت برلنتى ما تردد عن نية المشير الانقلاب على عبد الناصر، وأوضحت: "خلال زيارة عبد الناصر جاء إلى المشير جلال هريدى رئيس الصاعقة وقال له بالحرف: تعالى نقبض على عبد الناصر ونحطه فى شنطة العربية ونتغدى بيه قبل ما يتعشى بينا ونكون كبش الفدا، لكن المشير غضب ورفض الكلام وقال له: لو مكنتش فى بيتى كنت ضربتك".
وتابعت برلنتى: "المشير كان يعلم أن الاتحاد الاشتراكى ومراكز القوى لن يتركاه لأنه كان ينتقدهما أمام الرئيس، لكنه فى الوقت ذاته كان يصر على أن أخلاقه لا تسمح له بانقلاب على الرئيس وإنما كان همه حماية جيشه الذى يثق فيه".
واستكملت برلنتى: "فى يوم 10 يونيو اجتمع الضباط وأخبروا المشير أنهم على استعداد لأى إجراء، لكنه رفض أيضا، فكان المشير يفكر بالمنطق، البلد لم يكن به أى حرية، والكلمة كانت للرئيس فقط، وكان الشعب منقسما إلى الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى، والباقى موظفين تابعين للدولة، أما وسائل الإعلام من تليفزيون وصحافة فتم استخدامها لتحريض الناس على الجيش وتدبيسه فى هزيمة النكسة لكى يكونوا قادرين على القبض على عدد من أعضائه والتخلص منهم، وعلى رأسهم المشير".
وأوضحت برلنتى أنها رفضت حضور المشير للعشاء الذى دعاه إليه عبد الناصر لشعورها بالغدر، قائلة: "كان الرئيس دائم الاتصال بعامر، بنفسه، لكن هذه المرة اتصل أحد موظفيه، فتوقعت اعتقاله وتحديد إقامته وقتله وإعلان انتحاره، وهى شائعات انتشرت فى ذلك الوقت، وانضم إلى رأيى أخواه مصطفى وحسن، لكن المشير لم يستمع إلينا وأصر على الذهاب لأنه لا يخاف".
شعر المشير – كما تروى برلنتى – بالتخطيط لقتله فى العشاء، فقام بإلقاء كوب مياه على الأرض، وقال "أنا اخدت سم" ورحل، مضيفة: "المشير رفض الأسلوب التآمرى عليه، وطلب بمحاكمته لكن الرئيس رفض لارتباط اسمه باسم المشير، كما رفض محاكمة الضباط الذين حبسهم دون استماع لأقوالهم، وكان المشير دائما يقول إنهم غير مذنبين، بل رفض أيضا سفر المشير وعندما استفسر المشير عن ذلك اقترح عليه السفر إلى يوغوسلافيا، وهو قرار مريب لأنه شعر أن الرئيس اقترح ذلك ليلقى القبض عليه فى النهاية".
قرر المشير فى نهاية الأمر المكوث فى مصر مفضلا العودة إلى قريته اسطال، لكن – كما تقول برلنتى – "لم يتركوه واستدرجوه حتى عاد ليقتلوه".
واعتبرت برلنتى محمد فوزى – رئيس هيئة العمليات وقت النكسة – المسئول الأول عن النكسة ووصفته بالخائن، مضيفة بأن هزيمة يونيو 1967 كانت مخططة للإطاحة بالمشير.
وعن واقعة اعتقال المشير قالت: "اتصلت به بعد عودته من العشاء ولم يرد حتى الخامسة صباحا، فاتصلت بجارته السورية، التى وصفت لى الوضع بالحرب، وأن هناك دبابات وضرب نار وحصار على الكوبرى، لم أكن أعلم إن كان حيا أم ميتا، حتى اتصل بى فى صباح اليوم التالى، ولكنه لم يكن يسمعنى فكانوا يقطعون خطوط التليفون، إلا أننى اطمأننت على الأقل أنه ما زال حيا ووصانى على عمرو ابنه وقال لى: هى دى السياسة لعبة قذرة".
واستغربت برلنتى مما أثير حول استعانة المشير بميليشيات عسكرية فى بيته أثناء تحديد إقامته، واعتبرته "تهريج" وإحدى دسائس مراكز القوى لتقليب عبد الناصر عليه، قائلة: "كانوا أقاربه طلبهم ليحموه، فى وقت وقف الجميع ضده سواء فى الداخل أو الخارج".
وأكدت برلنتى أن وجود سيارة الإسعاف وقت اعتقال المشير دليل على نيتهم قتله من خلال حقنه بالسم، بالإضافة إلى شطب 15 سطرا من التقرير الشرعى وعدم عرضه فى الصحف بأمر من محمد حسنين هيكل.
واختتمت برلنتى حديثها بالتأكيد على اختلاف عهد الرئيس أنور السادات، قائلة: "لم يكن فى عهد السادات تزوير والبلد كانت عادية".
منقول