أبو الغيط يؤكد من بغداد دعم الحكومة العراقية
دار الحياة السعودية
أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط خلال زيارة إلى العراق أمس قرب حل القضايا العالقة بين البلدين، خصوصاً ملف الديون. وأعلن اتفاقاً «لتفعيل التعاون المشترك في مجالات الاستثمار والاقتصاد والكهرباء»، مشيراً إلى دعم بلاده عقد مؤتمر القمة العربية في بغداد مطلع العام المقبل.
وكان أبو الغيط زار العراق أمس ليوم واحد تخللته لقاءات مع رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي، إضافة إلى افتتاح قنصلية مصرية جديدة في مدينة أربيل في إقليم كردستان العراق. وأعلن أن بلاده «بصدد افتتاح قنصليات جديدة لها في العراق، وستشارك مشاركة فعالة في القمة العربية المزمع عقدها في بغداد في آذار (مارس) المقبل».
وهنأ الوزير المصري في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره العراقي هوشيار زيباري في بغداد، الحكومة الجديدة لمناسبة منحها الثقة من قبل البرلمان. واعتبر أن «العراق تمكن بهذه الحكومة من تجاوز الأزمة نهائياً وفتح أمامه آفاق المستقبل... وزيارتنا تأتي للتعبير عن أواصر الأخوة ومؤازرة الشعب العراقي لتجاوز الفترة الماضية بكل مآسيها، وسنقدم كل خبراتنا وإمكاناتنا للشعب العراقي وسنزيد فعاليتنا في العراق».
واقترح إنشاء مكتب واسع للعمل المشترك بين الجانبين، مؤكداً استعداد مصر للوقوف إلى جانب العراق في الساحتين العربية والدولية. وأكد جاهزية جميع الشركات المصرية للاستثمار في مختلف قطاعات العمل العراقية، لا سيما النفط والغاز. وأضاف أن «لقاءاتنا مع المسؤولين العراقيين بحثت في ملفات المنطقة المهمة، ومنها عملية السلام والتسوية والرؤية المصرية في هذا المجال والشأن السوداني ومسألة لبنان وكيفية تأمين استقراره».
وشدد على أن «مصر متمسكة بدعم العراق، وتأمل في أن تشهد الفترة المقبلة تطوراً أكثر في هذا الشأن، لتأمين أكبر قدر من حرية الحركة الديبلوماسية العراقية»، لافتاً إلى أن «موضوع الديون العراقية لمصر تم البحث فيه مرات عدة بين الجانبين، وكانت هناك لجنة عراقية حضرت إلى القاهرة قبل أشهر للبحث في الموضوع».
وأوضح أن «لهذا الموضوع أربعة جوانب، وهي ديون الأفراد والشركات والحكومة وبعض الديون العسكرية». وبيّن أن «رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أشار إلى نيته التوصل إلى تسوية عاجلة في هذا الملف... والمستقبل القريب يحمل تطوراً إيجابياً في هذا الشأن».
يُذكر أن قيمة الديون العراقية لمصر تبلغ 6.1 بليون دولار منها 553 مليون دولار ديون عامة و784 مليون دولار تعويضات العمال المصريين في العراق و222 مليون دولار لأصحاب شركات مصرية خاصة.
من جهته، أوضح زيباري أن «هناك عدداً من القضايا المشتركة مع مصر سيتم تفعيلها، خصوصاً في مجالات الاستثمار والاقتصاد والكهرباء». وأضاف أن «الحكومة العراقية تعمل في شكل جدي على تسوية الديون العالقة وغلق هذا الملف». وأكد وجود «قرار سياسي عراقي لحل جميع القضايا المالية العالقة مع مصر، والحكومة تعمل في هذا الاتجاه وهناك لجان فنية اختصاصية بدأت أعمالها».
ولفت إلى أن «أبو الغيط هو المسؤول العربي الدولي الأول الذي يزور بغداد لتقديم التهنئة والتبريكات للحكومة التي تشكلت بإرادة العراق ومن خلال صناديق الاقتراع». وأضاف أن زيارة الوزير المصري «تركت أثراً إيجابياً لدى الحكومة والمسؤولين في الدولة»، مشيراً إلى أن الوزير لديه «برنامج مكثف يلتقي خلاله المسؤولين العراقيين».
وأكد أن «العلاقات العراقية - المصرية تشهد قفزة نوعية وتطوراً في جميع المجالات من حيث التمثيل الديبلوماسي والسياسي والتجاري»، مشيراً إلى أن «مصر ستفتح مكاتب تجارية لعدد من الوزارات المهمة في بغداد... ومصر بخبرتها وتجربتها الغنية قادرة على بناء القدرات العراقية للوزارات والمؤسسات التي تحتاج إلى هذه الخبرة، ومصر الشقيقة الكبرى للدول العربية لن تبخل بذلك على العراق».
وأشار المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة علي الموسوي إلى أن «المالكي أكد خلال لقائه أبو الغيط على تمتين العلاقات العراقية - المصرية وعلى أن تكون في أحسن أحوالها». وقال لـ «الحياة» إن «المحادثات مع الوزير المصري تطرقت إلى كل القضايا العراقية والعربية ذات الاهتمام المشترك، بما فيها التحضيرات لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد».
وتضمنت المحادثات أيضاً «إمكان رفع التبادل التجاري بين العراق ومصر من أربعة بلايين دولار إلى ستة بلايين، والتركيز على ضرورة استقطاب الشركات المصرية ذات الأموال الكبيرة لتنفيذ مشاريع الإسكان والمشاريع الاستراتيجية من خلال وضع آلية مناسبة لزيادة التبادل التجاري بين البلدين».
وأشاد المالكي بالمبادرة المصرية التي وصفها بأنها «تستحق الشكر والتثمين، إذ حرصت مصر على أن تكون المهنئ الأول بتشكيل الحكومة الجديدة»، مشيراً إلى أن الحكومة جاءت لتؤكد «رغبة السياسيين العراقيين بتشكيل حكومة تضم جميع العراقيين، بحيث لا يشعر أحد من المكونات العراقية أنه مستبعد منها».
وقال رئيس البرلمان خلال لقائه أبو الغيط إن «ابتعاد العراق من محيطه العربي أثر على توازنه وعلاقاته الإقليمية، ونحن اليوم في حاجة إلى جهد مشترك لعودته إلى المنظومة العربية»، مشدداً على أن «مصر تمثل قطباً مهماً في المنطقة». وأكد «دور مصر الحيوي في إعادة العراق إلى وضعه الطبيعي وحل معظم المشاكل، منها ما يتعلق بالحدود وموضوع خروج العراق من الفصل السابع، بعدما خرج من أزمته وتم تشكيل حكومة الشراكة الوطنية».
يُذكر أن العراق ومصر وقعا قبل عام اتفاقات ومذكرات تعاون عدة عقب محادثات رسمية أبرزها الاتفاق الاستراتيجي في مجال النفط والغاز خلال زيارة قام بها إلى بغداد قبل عامين وزير النفط المصري سامح فهمي. وأشار فهمي آنذام إلى أن «العراق يبحث في ربط فائض الغاز بخط الأنابيب الذي يبدأ في مصر من أجل تصدير الغاز إلى دول عربية ثم إلى أوروبا والإفادة من خبرة شركات مصرية».
وتضمن الاتفاق قيام الشركات المصرية بعمليات استكشاف وتطوير حقول النفط، فضلاً عن المساهمة في صيانة المصافي النفطية العراقية وتأهيل وتطوير البنى التحتية للقطاع النفطي العراقي.