بالصور.. احتفالات إيران برمضان لها شكل مميز
اليوم السابع
كتبت إسراء أحمد فؤاد
احتفل الإيرانيون أمس الثلاثاء، بأول أيام شهر رمضان المبارك، ويسمونه شهر ضياف الله وربيع القرآن، حيث تكتظ المساجد بالناس، وتشارك كل المساجد فى ختم القرآن، كما هو الحال فى مصر.
لا تختلف الأجواء الرمضانية فى إيران عن باقى بلاد العالم الإسلامى، إلا أن ما يميز إيران أن هناك لكل إقليم أجواءه التى يتميز بها.
يقول "سعيد عليخانى" مستشار بمكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة لـ "اليوم السابع" عن أجواء الشهر الكريم فى إيران، قائلا: إن الإيرانيين يستقبلون شهر رمضان بالفرح والسرور وترتسم البهجة على وجوه الأطفال فالناس هناك يشعرون بأجواء روحانية كبيرة، وهناك جو روحى يعم إيران كلها.
وعن العادات الرمضانية للإيرانيين يقول عليخانى، إن هناك تقاليد إيرانية مخصوصة يقوم بها الإيرانييون لاستقبال الشهر الكريم، فقد جرت العادة أن يتطوع البعض لغسل المساجد وتنظيفها فى الأسبوع الأخير من شهر شعبان.
ويأتى "شهر ربيع القرآن" كما يسمونه الإيرانيون، ففى هذا الشهر تتسابق المراكز الدينية كالمساجد فى وضع برامج ثقافية وحث الميسورين على المساهمة فى مساعدة الفقراء والمحتاجين، والسيدات يذهبن لمنازل بعضهن ويتجمعون لختم القرآن فالكل يتسابق لرضا الخالق وطاعته.
ويقول عليخانى أننا كإيرانيين لا نشعر بقدوم شهر رمضان إلا إذا سمعنا أذان مشهور فى إيران يسمى بـ " أذان مؤذن زاده أردبيلى" وهو مؤذن إيرانى مشهور يدعى رحيم مؤذن زاده أردبيلی، اعتاد الإيرانيون أن يسمعون أذانه فى رمضان فصوته يشعرنا بقدوم رمضان ويذكّرنا بالشهر الفضيل.
ويعشق الإيرانيون صوت المقرئين المصريين وخاصة عبد الباسط عبد الصمد.
وليست مصر وحدها التى تشتهر "بالمسحراتى" بل إيران أيضاً، حيث يمر شخصاً فى القرى الإيرانية يوقظ الناس للسحور ويطلقون عليه "جارچی"، غير أنه لا يمر فى المدن الجديدة.
وتختلف العادات والتقاليد الرمضانية فى ايران من مدينة إلى أخرى ففى مدينة أصفهان يفطر الصائمون على دوى المدفعية الرمضانية التى تقع بإحدى الساحات القديمة فى المدينة.
أما عن سفرة الإفطار الإيرانية فلها مميزات، حيث يضع الإيرانيون أكلات ثابته عليها طوال شهر رمضان وأولها "زولبيا" وهى تشبه المشبك المصرى وأحد أصناف الحلويات وتسمى "باميه"، وتتناول الأسر الإيرانية الوجبة الرئيسية من الإفطار بعد ساعة من أذان المغرب ولا تخلو المائدة الرمضانية الرئيسية من "آش رشته" وهى عبارة عن حساء دسم ملئ بأنواع البقوليات والمكرونة والخضروات و(آش حليم)، والشوربة التى تعتبر طبق رئيسى فى رمضان فى المطاعم الإيرانية.
كما تنشط بصورة ملحوظة محال بيع الحلويات والمكسرات، وهناك مؤسسة إعانة الفقراء التى أنشأها الإمام الخمينى لمساعدة الفقراء فى هذا الشهر لشراء لوازمه، فارتفاع الأسعار دائما يصاحب شهر رمضان بسبب زيادة الطلب على المواد الغذائية، لكن الحكومة توفر فى خطة رمضانية خاصة وتقوم بعرض معظم الاطعمة والفاكهة والخضار بأسعار رخيصة فى مؤسساتها الاستهلاكية.
أما عن التليفزيون الإيرانى فهو مثل كل الأدوات الإعلامية التى تبث مسلسلات وبرامج رمضانية، إلا أن ما يميزه ويطفى طابع خاصاً عليه هو بثه للمسلسلات دينية بشكل كبير ذات المفاهيم المعاصرة، والتى تحث الناس على عدم الكذب والغيبة والنميمة، ويمكن أن يستمتع الأطفال أثناء مشاهدتهم لها فهى تتحدث بلغة بسيطة للأطفال ويحلو للكبار مشاهدتها أيضاً.
والأطفال هم أطفال فى كل مكان وزمان، فيمكن للطفل غير البالغ فى إيران أن يصوم حتى الظهر، وهو ما يسمونه بالفارسية "روزه کله گنجشک" أى صيام رأس العصفور، وفيه يعوّدن الأمهات أطفالهن على الصيام وتحمل العطش بشكل طريف، فيمكنهم أن يفطرون فى الصباح ولا يتناولون شئ حتى الظهيرة، ويأكلون فى الظهر ولا يتناولون شئ حتى المغرب.
ويحتفل الإيرانيون بليلة القدر أو "ليلة الإحياء" كما يسمونها فى يوم 19و 21و 23 كما يحيونها أيضاً يوم الـ 27، ولديهم مناسبات يحتفل بها الشيعة فى شهر رمضان وهى يوم التاسع عشر وهو يوم ذكرى ضرب أمير المؤمنين على بن أبى طالب بسيف ابن ملجم، ويوم الواحد والعشرون وهو يوم إستشهاد الإمام على، وفى ليلة القدر يذهب الشعب الإيرانى إلى المساجد يرفعون أكفتهم بالدعاء إلى الله ويتوبوا ويبكون للصباح، كما أن الحكومة تسمح بأن يتأخر الموظفون عن ساعات العمل فى أيام الاحتفال بليلة القدر ساعتان بدلا من ساعة واحدة، كما يقام معرض للقرآن ومسابقات لحفظة القرآن.
ويقول عليخانى الحكومة الإيرانية استطاعت، إن تجمع بين التقاليد الشعبية القديمة والحداثة ومواكبة العصر.
وأضاف أن الإمام الخمينى أمر أن تكون الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل جمعة لإخواننا بالقدس، وأطلق عليه "يوم القدس"، ففى هذا اليوم يخرج ملايين الصائمين إلى الشوارع فى مسيرات منددة بإسرائيل وأعمالها الوحشية.
أما عن الإفطار جهراً الذى يعد جريمة فى إيران يعاقب عليها القانون، قال عليخانى، إن الحكومة ترى أكل المفطر أمام الصائم فى الشوارع يمكن يجرح مشاعره ويسئ للإسلام، وهو ليس إجباراً من الحكومة للشعب على الصيام، فيمكن أن تفطر وتأكل ما ترغب ولكن داخل منزلك حتى لا يراك الآخرون.
أما عن الجالية المصرية فى إيران، فيحدثنا حسن عبد الخالق (20 سنة) يعيش بالعاصمة طهران، والده مصرى وأمه إيرانية، ويدرس طب الأسنان، يقول حسن أنه يعشق مصر ولم ولن يتخلى عن جنسيته المصرية رغم أنه أمضى عمره كله فى إيران، ويتحدث اللهجة المصرية والفارسية بطلاقة، ويقول فى شهر رمضان يتقرب الشعب أكثر بعبادته إلى الله عز وجل ويسعون للابتعاد عن الذنوب.
ويمزح حسن قائلا: إننا نطبخ الطعام المصرى كالملوخية التى أحبها كثيراً والإيرانى مثل الکباب، وشلو مرغ، والقيمه وهى لحم مفروم، إلا أننى أحب الأكلات المصرية فهى ألذ وأطيب.
وأضاف حسن أن مكتب رعاية المصالح المصرى فى إيران لا يقيم إحتفالية فى شهر رمضان أو إفطار جماعى للمصريين المقيمين إيران لأن عددهم قليل جداً هناك.
وقال حسن لا يوجد "الفانوس المصرى" فى إيران الذى يشعرنى بقدوم رمضان.
ويقول پژمان قاضيان (28سنة) وهو من أهل السنة يقطن كرمانشاه وحاصل على ليسانس فى علم الآثار، " باعتباری سنی أرى أن رمضان لا يفرق بين سنی وشيعی فكلنا مسلمون، وفى المنطقة التى أعيش بها يقطنها أهل السنة وهم يهتمون كثيراً بهذا الشهر وبمراسم الفطار والسحور وغيرها.
ويضيف أن شهر رمضان فى إيران لم يعد مثل 7 او 8 سنوات مضى، فلم يعد بنفس حلاوة الماضى، وفى المدن الدينية كقم ومشهد بسبب وجود الأماكن المباركة بها والمدارس الدينية يجعل أجوائها الرمضانية أكثر روحانية عن باقى المدن الأخرى.
ويقول پژمان أنا أحب مصر كثيراً وأتمنى أن أرى أجواءها الرمضانية.
ويختلف رأى السيدة "طيبة خطيبى" باحثة فى العلوم السياسية جامعة طهران بشأن عقوبة الإفطار جهرا، فهى لا تتفق على القبض على المفطرين جهراً وتقول" أنا لا يسعدنى أبداً ذلك، ففى مدينة مثل طهران بها مسافرون كثيرون لأعمال مختلفة، ولا يقدرون على الصيام، وهناك بعض المرضى أيضاً، أعتقد أنه ليس صحيحاً أن يلقى القبض على شخص يشرب الماء فى الطريق فى هذه الحرارة العالية ويعاقب على ذلك.
وقالت لو أن الشخص لديه مشكله ولا يستطيع الامتناع عن الطعام والشراب لا يجب أن تتصدى له الحكومة، لأن الإجبار فى هذا الصدد ليس سليماً، ويمكن للناس أن يراعوا حرمة هذا الشهر بدون تدخل الحكومة.
وتقول طيبة، ما يسعدنى أن أتباع الديانات الأخرى فى إيران (كالمسيحيين والزرتشتيين واليهود) لا يصومون لكنهم يراعون حرمة هذا الشهر جيداً، ولا يأكلون فى الشوارع والأماكن العامة، وأنا أمتن لهم كثيراً.