حكاية " العرابي " تلميذ " العربي " .. بمدرسة عمرو موسي !نقلا عن : جريدة الرأى البورسعيدى كلف الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، السفير محمد العرابي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية، للقيام بأعمال منصب وزير الخارجية، خلفا للدكتور نبيل العربي، وزير الخارجية، الذي سيشغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية.
وقد أكد وزير الخارجية الجديد، فور إعلان توليه منصبه الجديد، على مواصلة سياساتنا الخارجية للتعبير عن طموحات وآمال المصريين ما بعد ثورة 25 يناير ، وحسبما أشار في تصريحات صحفية ، فقد تم استدعاؤه اليوم من جانب الدكتور عصام شرف رئيس الوزارء وإبلاغه بأنه مرشح لمنصب وزير الخارجية، وقال إنه لم يكن يعلم بالقرار قبل إبلاغه به وعبر عن سعادته بتوليه المنصب الجديد ، وأضاف " سنعمل على استكمال المسيرة التى بدأها "أستاذنا" نبيل العربى وزير الخارجية الحالى.
واللافت للنظر أن العرابي أشار لسلفه نبيل العربي بأنه " استاذه " .. وفى الوقت نفسه لابد من الإشارة لأنه كان مديراً لمكتب عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق ، وهو كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية، وسفير مصر السابق لدى ألمانيا لـ8 سنوات متصلة، كما كان سفيراً لمصر فى كل من الكويت ولندن وواشنطن، واستمر فى العمل الدبلوماسى لأكثر من 35 سنة، وكان عضوا فى مكتب د. بطرس غالى وزير الدولة للشئون الخارجية الأسبق، ثم عضوا فى مكتب د. عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية الأسبق، وقد تمت احالته للتقاعد يوم 26 يناير الماضى .
وبالعودة للحوار الصحفى الوحيد الذى أجراه " العرابي " من بعد ثورة 25 يناير .. فقد كان مع جريدة روز اليوسف منذ شهرين تقريباً ، وفى رده على سؤال بخصوص رصده من خلال عمله الدبلوماسي لانهيار النظام السابق قال " كنا نرصد التراجع وملامح الانهيار فى مواضع كثيرة، ولعلك تتذكر مثلا عندما سعت مصر لاستضافة كأس العالم الذى أقيم فى جنوب أفريقيا العام الماضى والصفر الشهير الذى حظى به الملف المصرى.. المسألة كان لها بعد سياسى ، أذكر أننى ذهبت إلى وزير خارجية ألمانيا وكان «يوشكافيشر» وكنت وقتها سفيرا لمصر هناك، وكان غرض زيارتى الحصول على دعم ألمانيا للملف المصرى، ولكن الرجل كان واضحا وصريحًا للغاية، إذ قال لى إن بلاده ستعطى صوتها لجنوب أفريقيا، فسألته لماذا؟.. فرد قائلا لأننا نعلم ماذا ستكون عليه جنوب أفريقيا عام 2010، لكن مصر لا أحد يعرف ماذا سيكون شكلها عام .2010 لا يوجد تأكد من النظام السياسى، وانعكس هذا على القدرة الاقتصادية والواقع الاجتماعى لمصر " .
لكن اللافت فى هذا الحوار هو سؤال نصه " النجاح الذى حققه الدكتور نبيل العربى وزير الخارجية فى فترة قليلة كيف يمثل تحديا للوزير الذى سيخلفه عندما ينتقل الدكتور العربى كأمين عام لها؟ " .. وكان رده " الدكتور نبيل العربى هو أستاذنا ولا يوجد تلميذ يقيم أستاذه، والدكتور العربى قامة دبلوماسية كبيرة ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم، وتولى مسئولية الخارجية في أصعب فترة ممكن يتولي فيها وزير مسئولية السياسة الخارجية لمصر، وجاء أيضا فى وضع استراتيجى جديد فى الشرق الأوسط، والدكتور نبيل تمكن بذكاء من توظيف هذا الوضع الاستراتيجى الجديد فى خلق وضعية استراتيجية جديدة لمصر تخدم سياستها الخارجية ، ووزير الخارجية كوظيفة لا يسعى إلى الشعبية ولكنه يحترم إرادة الشعب، وفى اعتقادى أن الدكتور العربى لم يسع إلى الشعبية ولكنه احترم إرادة الشعب، والثورة جعلت الشعب يتطلع إلى كل ما هو جديد وهذا انعكس على أداء الخارجية المصرية لأنها استطاعت أن تتجاوب مع قوة الدفع التى نتجت عن الثورة بشكل هائل وساعدها فى ذلك أجهزة ومؤسسات أخرى في الدولة المعنية التى تعمل فى منظومة السياسة الخارجية، وثورة مصر كانت بمثابة زلزال فى المنطقة خلق واقعًا استراتيجيًا جديدًا، وبخبرة الدكتور العربى ودرايته وحكمته استطاع أن يوظف هذا «الزلزال» فى سياسة خارجية سليمة لمصر وأعتقد أن من سيأتى بعده سيكون فى نفس المسار " .
ولكن يبق السؤال : هل كان عمل " العرابي " مديراً لمكتب عمرو موسي منذ سنوات دور في اختياره لوزارة الخارجية ؟!
يقول د. وحيد عبد المجيد- أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية-: اختيار السفير محمد العرابي وزيرا للخارجية وهو كان مديرا لمكتب عمرو موسي مثل الوزير السابق نبيل العربي ليس دليلاً على أن الخارجية المصرية تعتمد على تلك المدرسة بالتحديد، لأن الخارجية المصرية ليس بها الآن مدارس، ولكن في اعتقادي أن بها مجموعات، بمعني أن الاختيار يكون عن طريق العلاقات الشخصية بين الناس أكثر من أي شئ آخر، بجانب بالتأكيد الخبرة التي يمتلكها الشخص المختار لهذا المنصب المهم.
ويقول د. عماد جاد- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة-: لو رجعنا لأيام الوزير أحمد ماهر سنجد أنه أيضا كان يعمل مديرا لمكتب عمرو موسي، ونفس الشئ بالنسبة لأحمد أبو الغيط ومحمد العرابي، وأري أن من يعمل في هذا المركز يأخذ خبرة دولية كبيرة جدا من خلال عمله وعلاقاته، وغالبا الخارجية المصرية تفضل الاعتماد على هذه المدرسة للاستفادة ممن تولى هذا المنصب، ويبدو أن ذلك توجهاً من الدولة بشكل كبير، وبجانب ذلك أرى أن من يتولى منصب مدير مكتب وزير الخارجية يشهد له بالكفاءة وغالبا ما يكون لديه قدر كبير من الانضباط والخبرة.