عالم الزهور
منذ بدء الخليقة لم تخف على الانسان مواطن الجمال من حوله فلاحظ الازهار واستعملها في مراحل حياته معبرا من خلالها عن احاسيسه ومشاعره.
والازهار التي تستقبل الانسان بفرح يوم مولده لم تخف الاشادة بجمالها على عظماء التاريخ والشعوب فقال فيها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لو كان لي الخيار بان اختار لما كنت غير بائع للازهار فان فاتني الربح لم يفتني العطر".
ويقول المثل الصيني القديم "اذا كان لديك رغيفان فبع احدهما واشتر بثمنه زهرة ..فالخبز غذاء للجسد والزهر غذاء للروح".
وارتبطت الازهار والنباتات عبر العصور بالثقافات الانسانية ونسجت حولها الاساطير ففى الثقافات القديمة ارتبطت الازهار والنباتات بالرموز فاصبح الغار رمزا للنصر يكلل به الابطال وغصن الزيتون اصبح رمزا للسلام بين الشعوب.
وقال اخصائي التوعية والتدريب في مشروع الحفاظ على النباتات الطبية في الاردن المهندس الزراعي نبيه الكايد ان اغلب الدول اتخذت ازهارا ونباتات رمزا وطنيا فاختار الاردن زهرة السوسن الاسود واختارت اليابان زهرة الكرز وباكستان الياسمين واوكرانيا عباد الشمس وبوهيميا نبات الزعتر ومصر زهرة اللوتس التي قدسها الفراعنة واستخرجوا منها اثمن العطور.
واضاف الكايد ان هولندا ارتبطت بزهرة التوليب التى تشكل عماد اقتصادها فيما ارتبطت بنغلادش بزنابق الماء وكوريا الشمالية بزهرة الازاليا فيما اتخذت روسيا زهرة البابونج نبتة وطنية لها.
وذكر ان الاساطير والمعتقدات عن الازهار والنباتات شكلت احد مقومات تراث الامم حيث ان الفتاة الكورية الصغيرة تضع ثلاث زهرات في شعرها للتنبؤ بمستقبلها فاذا ذبلت الزهرة العلوية اولا فان اواخر سنوات حياة الفتاة ستكون صعبة واذا ذبلت الزهرة الوسطى اولا فان سنوات حياتها الاولى ستحمل لها الاسى اما اذا ذبلت الزهرة الاولى اولا فان سنوات حياتها كلها ستكون تعيسة.
وتقول الاسطورة الاغريقية بان افروديت اعطت الوردة لابنها ايروس الذي اعطاها الى اله الصمت ليتكتم على مغامرات امه العاشقة ما جعل الورد رمزا للسرية والتكتم.
- اما عن زهرة الخشخاش او الحنون فيقول الكايد ان الالهة ديمتر استخدمت الخشخاش لتوفر لها الهدوء والسكينة بعد ان فقدت ابنتها بيرسيفون.
وكان الخشخاش رمزا لالهة النوم واله الموت هيبنوس وثاناتوس عند قدماء الاغريق وحتى اليوم فان نبات الخشخاش يستعمل لانتاج المواد المخدرة.
واشار الى زهرة الجلاديولس بانها اخذت اسمها من اللاتينية وتعنى السيف لان اوراقها حادة كالسيف وكانت بالنسبة للرومان القدامي رمزا للمصارعين وسيوفهم الحادة وفي لغة الازهار ترمز الجلاديولس بحدث ما وارسالها لشخص ما كانما يراد القول له "انت طعنتني".
وذكر ان الاساطير الاغريقية تقول بان نارسيس احد رعايا الالهة اليونانية القدامى كان من الجمال الاخاذ الذي لم يدركه هو الى ان راى يوما انعكاس صورته في البحيرة فاقترب وسقط فيها ولم يكن يجيد السباحة فمات فقررت الالهة لحزنها لموته تحويل جسده الى زهرة جميلة تطل دائما الى الماء وتزهر في الربيع واعطيت اسم ذلك الشاب الجميل الذي اعجب يوما بجماله.
وحتى اليوم لا زالت زهرة النرجس ترمز الى الاعجاب بالذات ومنها استعمل مصطلح علم النفس (النرجسية) وهو حب الذات.
كما تتحدث الاساطير عن ابولو احد الهة الاغريق الذي حول سيباروس احد الصبية الاغريق الى شجرة سرو كرمز للحزن والاسى بعد ان مات حزنا على صبي صغير قتله دون قصد واصبحت شجرة السرو حتى اليوم تزرع حول المقابر كرمز للحزن.
وقال الكايد ان شجرة الغار التي اصبحت رمزا للنصر تقول عنها الاسطورة الاغريقية ان ابولو اله الشمس احب دافني الحورية الحسناء ولاحقها اينما ذهبت ولكنها كرهته واهملته وحتى تتجنب ملاحقته لها طلبت من ابيها ان يجد لها حلا فحولها الى شجرة غار فما كان من ابولو الا ان بكى وارتمى حول الشجرة واعتبرها رمزا له وتوجت بها رؤوس المنتصرين من الابطال منذ ذلك الحين.
وفي القرن ال17 ابتكرت في فرنسا لغة ومفردات خاصة يمكن من خلالها ارسال رسائل يعبر عنها من خلال النباتات والزهور ولكل نبته وزهرة معنى محدد ترمز له وقد تختلف معاني الازهار بين الحضارات والشعوب ولهذا ظهرت في اوروبا مفردات جديدة في القرن ال18 ما يفسر تعدد المعاني للزهرة الواحدة.
وبهذا الصدد يقول الكايد ان معنى الازهار يختلف حسب لونها او اجزائها او خليط من الوانها او درجة تفتح الزهرة فالورد الجوري مثلا بشكله العام يرمز للحب وسحره ويرمز كذلك للسرية في الحب.
ويختلف معنى الورد حسب لونه فالاحمر يعني الحب الرومانسي والاصفر للصداقة والوردي منه للسرية.
وشملت لغة الازهار ايضا نباتات البهارات والنباتات العطرية فالريحان يرمز الى الامنيات الطيبة والعصفر يرمز الى الحذر من الافراط في الملذات بينما ترمز المريمية الى قيمة الاحترام والزعتر الى النشاط والنعناع الى العفة والفضيلة.
لو سمحتم كل من يرد يحاول اختيار زهرة ويهديها للجميع