ننشر حيثيات حكم القضاء الإداري بتغريم مبارك والعادلى ونظيف 540 مليون جنيه
الدستور
القضاء الإداري تطالب المجلس العسكرى بتنقية قانون الاتصالات من المواد التى تمكن رئيس الجمهورية القادم من التلصص على المواطنين
"قطع الاتصالات وخدمات الانترنت عن الثوار خطأ شخصي إرتكبه مبارك ونظيف والعادلي للحفاظ على كرسي الحكم ".. تلك الكلمات ليست تحليلا سياسيا لأحد الخبراء وإنما وقائع أقرت بها محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار حمدى ياسين نائب رئيس مجلس الدولة في حيثيات حكمها بتغريم مبارك والعادلى ونظيف 540 مليون جنيه لتسببهم في الإضرار بالإقتصاد القومى نتيجة لقطع خدمات الاتصالات والانترنت إعتبارا من يوم الجمعة الموافق 28 يناير والمعروفة بجمعة الغضب ولمدة 5 أيام.
المحكمة أسست حكمها على أن قطع الاتصالات وخدمات الانترنت خلال التظاهرات السلمية لا يمكن إعتباره خطأ مصلحى أو مرفقي يحاسب عليه مصدره بصفته كوزير أو مسئول عن مرفق معين وإنما هو خطأ شخصي ينسب الى شخص مبارك والعادلي ونظيف بنزواتهم وعدم تبصرهم وتغييهم لمنفعتهم الشخصية بحماية نظامهم الحاكم وكراسي حكمهم.
المحكمة أكدت على أن القرار جاء بقصد النكاية والإضرار بكل من تسول له نفسه بالتجرأ على قدسية الحاكم ومطالبته بحقوقه الطبيعية وليس بحق الرفاهة في العيش مضيفة أن قرار قطع الاتصالات جاء لحماية رجال الحكم الفاسدين ولم يكن للمصلحة العامة ، قرار القطع جاء بعد التجهيز والتخطيط له بليل لتعطيل حق التظاهر والإحتجاجات الشعبية السلمية التى تم مواجهتها بالعنف وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين حسب المحكمة التى شددت على أن مصر عاشت حقبة من الفساد السياسيى وإهدار المال العام وإنتهاك الحقوق والحريات العامة وتزوير الحياة النيابية.
الحكم أكد على مسئولية مبارك والعادلي ونظيف في قتل المتظاهرين عن طريق قطع الاتصالات عنهم لشل حركة المتظاهرين وتشتيت جموعهم وعجزهم عن التواصل والتعبير عن مطالبهم السلمية إضافة الى قطع سبل الانقاذ والإسعاف لم أصيب من المواطنين برصاص الغدر ونقل من إستشهد وتمكين فئة ضالة من البلطجية والمستفيدين من الإعتداء على المتظاهرين للتمسك بالحكم مهما كان الثمن ، الحكم قال أن الإقتصاد القومى المصري تكبد أضرارا بالغة نجمت عن قطع الاتصالات وخدمات الانترنت وإسترشدت المحكمة بتقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرارات بمجلس الوزراء يذكر أن خسائر قطاع خدمات الاتصالات والانترنت بلغت في 5 أيام من قطع تلك الخدمات 90مليون دولا بما يوازى 540 مليون جنيه وفقا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادى بما يمثل خسارة قدرها 18 مليون دولار يوميا.
ولفتت المحكمة الى أنه حجم جسامة الخطأ الشخصي لكل من مبارك والعادلى ونظيف لم تكن على قدر واحد حيث تملك الدور الأكبر في إصدار الأوامر بقطع الاتصالات حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق الذى ترك له وحده سلطة تقدير الوجود الفعلي والقانونى لحالات المساس بالأمن القومى وقد توافقت تلك القرارات توجيهات محمد حسنى مبارك الرئيس السابق بحماية النظام وحكومته وكان التمهيد لهذه القرارات بمعرفة أحمد نظيف رئيس الوزراء الذى شكل لجنة وزارية برئاسته بتاريخ 20 يناير السابق لمواجهة التظاهرات السلمية المتوقعة يوم 25 يناير وفوض وزااارة الددداخلية السابق في إتخاذ قرار قطع خدمات الاتصالات والانترنت وشددت المحكمة على أن تعويض الشركات ليس معروضا على المحكمة وكذلك تعويض المواطنين المتضررين لأن تلك المسائل من مسائل القانون الخاص التى يحكمها علاقة خاصة بين الشركات والمتعاقدين معها.
المحكمة طالبت في حكمها الذى أخرجته في 46 صفحة المشرع المجلس العسكري ومجلس الوزراء بتنقية قانون تنظيم الاتصالات من كافة النصوص التى تجيز لأى سلطة قطع خدمات الاتصالات والانترنت حفاظا على الحقوق والحريات وتدفقات الاستثمار وتحفيزه وتقليص الجهات التى يطلق عليها مصطلح الأمن القومى وإعادة النظر في المادة 64 من القانون التى تنص على إلزام كل مشغل أو مقدم خدمة بأن يوفر على نفقته داخل شبكة الاتصالات المرخص له بها كافة الامكانيات الفنية من معدات ونظم وبرامج وإتصالات داخل شبكة الاتصالات والتى تتيح لأجهزة الأمن القومى ممارسة إختصاصها في التحكم في الاتصالات والخدمات التى توفرها الشبكة للمتعاقدين من قطع الخدمة عن ما تشاء والتلصص على من تشاء أيضا وأكدت المحكمة أن أجهزة الأمن القومى بموجب الباب السادس من قانون تنظيم الاتصالات تمارس تأميم لشبكات المحمول وشددت المحكمة على أن حرية الاتصالات وتدفق المعلومات وتداولها وشفافية القرار السياسي وتحقيق العدل الإجتماعى ومكافحة الفساد خير ضمان لتحقيق الأمن القومى.
المحكمة أكدت على أن حرية تداول المعلومات تفرض الحق في تلقي المعلومات والأفكار ونقلها الى الآخرين وتداولها من خلال خدمات الاتصالات والانترنت لافتة الى أن سلامة الأمن الوطنى تعنى سلامة أمن البلاد وليس سلامة أمن النظام الحاكم الذة لا تكفل سلامته سوى تعبيره عن آمال وطموحات الشعب وفقا للعقد الإجتماعى، المحكمة أكدت على أن الفضاء اللا محدود صار وطنا تبنيه شركات الاتصالا الإلكترونية وتنتجه الألياف البصرية وتنقله الموجات الكهرومغناطيسية ومن ثم يكون حجب الاتصالات وخدماتها تعويقا لوصول المعلومات الصحيحة الى متخذى القرار ، المحكمة أكدت على أن مواقع التواصل الإجتماعى على الانترنت لا تخلق ثورات بل يخلقها القهر والحكام المستبدون والفقر والغضب ومن ثم لم تكن تلك المواقع سوى وسائل للتعبير إنتزعها المتواصلون إجتماعيا وسياسيا تأكيدا لحقوقهم المقررة في الاتصال والمعرفة وتدفق المعلومات والحق في التنمية والحق في الحياة الحرة الكريمة التى تظللها العدالة الإجتماعية ومن ثم يكون حجبها أو تقييدها إنتهاكا لكل تلك الحقوق .